اليوم الثلاثاء يعقد مجلس النواب الجديد أولى جلساته بعد أن احتل نحو ثلاثين مقعداً من مقاعده الأربعين نواب جدد يتوقع أن يضيفوا جديداً لهذا المجلس الذي تغير رئيسه أيضاً ونائباه. ورغم أن مساحة وافرة من هذه الجلسة ستشغل بالبحث في قوائم الترشح لعضوية اللجان؛ إلا أن المتوقع أن تشهد أيضاً مناقشات في المراسيم والقوانين التي صدرت في فترة غياب المجلس. ليس متوقعاً أن تشهد هذه الجلسة وما سيليها من جلسات مناكفات واختلافات في أمور لا قيمة لها ولا تهم المواطن، كما حدث في العديد من جلسات الفصول التشريعية الثلاثة الماضية، والتي وصل بعضها إلى حد تبادل الشتائم واللكمات بسبب ضيق أفق وعقل بعض النواب السابقين، والسبب هو أن من شغل المقاعد هذه المرة مؤهلون لمناقشات تنتج مفيداً، خصوصاً وأنهم يعلمون جيداً أن المرحلة التي تمر بها البلاد والمنطقة لا تحتمل مثل هذا الأمور التي تدخل في باب الترف وتفسر على أنها هروب من المهمة الأساسية التي تقع على عاتقهم وهي التشريع والرقابة، فالأوضاع المستمرة في الداخل منذ أربع سنوات وما سببته من قلق وإزعاج، والتغيرات الدراماتيكية في المنطقة وما تشهده من أحداث تتطور ولا يتوقع أن تنتهي قريباً أو تهدأ، كلها تدعو مجلس النواب الجديد لتحقيق مكاسب سريعة للمواطنين تسهم في تهدئة الداخل وتسد على من يريد بهذه البلاد سوءاً الكثير من الأبواب والذرائع، وتعين على إبعاد البلاد عن مرمى التراشق الجاري من حولنا بأنواعه، خصوصاً مع ازدياد حالة التطرف التي تمارس باسم الإسلام. لا خيار أمام مجلس النواب الجديد من الوصول إلى قرارات سريعة تقنع المواطنين جميعاً -من شارك في الانتخابات ومن تخلف عنها- بأنه مجلس مختلف وأنه يسعى إلى خدمة المواطن والارتقاء بمعيشته، وأن كل ما يقال عن أن الانتخابات أسفرت عن مجلس سيكون في يد الحكومة وينفذ ما تريده منه لا قيمة له ولا يستند إلى أساس. ليس المقصود هنا أن يدخل المجلس في مواجهات مع الحكومة ويتخذ العناد شعاراً، فمثل هذه الأمور لا تسفر عن إيجابي، والواقع يؤكد أنه لا يمكن للسلطة التشريعية في البلاد العربية بشكل عام ودول الخليج العربي بشكل خاص أن تلوي ذراع السلطة التنفيذية، فالحراك الاجتماعي والسياسي هنا يحتاج إلى سنين طويلة كي يوصل إلى ما أوصل إليه في الغرب. لا يمكن أن تكون العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هنا كما هي هناك، فلا يمكن منطقاً ولا واقعاً القفز على ثوابت الحراك الاجتماعي والسياسي. هناك احتاج الأمر ليصل إلى ما وصل إليه إلى عدة مئات من السنين، لن نحتاج مثلها كي تتطور العلاقة بين السلطتين ولكن أيضاً لا يمكن أن نختصر ذلك الزمن في اثنتي عشرة سنة هي كل عمر مجلس النواب. عدا أن المواجهة بين السلطتين ليست هدفاً والأفضل لهما وللوطن أن يتعاونا ليتمكنا من تحقيق مكاسب للمواطنين. من تابع تصريحات رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة فيما يتعلق بالتعاون بين الحكومة والمجلس الجديد يتبين أن الوزراء تلقوا توجيهات واضحة من سموه في هذا الخصوص، وأن سموه شرع الأبواب للنواب كي يعملوا بالطريقة التي تسهل لهم المهام التي ألقيت على عاتقهم وليؤكدوا لناخبيهم أنهم أكفاء وقادرون على تحقيق المكاسب لهم.إن تمكن النواب من تحقيق مكاسب سريعة يلمسها المواطنون وتكون سبباً في تطوير معيشتهم من شأنه أن يدفع في علاقة الثقة بينهم إلى الأمام. عدا هذا سيعتبر المواطنون أن كل ما قاموا به هو أنهم كانوا سبباً في تطوير حياة ومعيشة أربعين نائباً ليس إلا.