كيف لقيت شخصية النائب السابق «شمطوط» متابعين ومعجبين من السنة قبل أن تلقى من الشيعة؟جوابنا لهذا السؤال أن شعب البحرين متعطش لمن يملك صوتاً جريئاً يواجه «الوزراء»، دون أن ينظر هذا الشعب إلى جنس أو مذهب هذا الشخص، وحاجته لمثل هذا الصوت جعلته وأجبرته على التنازل عن كثير من شروط ومواصفات هذا الشخص ورضي بالقليل منها وقبل ببساطة «شمطوط» بعد أن فقد الأمل في أصوات جريئة تقوم بدور «المعارضة الوطنية» التي يبحث عنها داخل المجلس تتصدى لعمل الوزراء وتمسك بزمام الأدوات الرقابية والتشريعية بشكل احترافي وتحسب الحكومة له حساباً.مع احترامنا للنائب السابق لكننا لا نريد أن نرى نسخاً مكررة، لا نريد أن نتابع ظواهر صوتية عالية تستعرض لنا عضلاتها اللغوية ونبرات صوتها المرتفع وأداءها المسرحي في الجلسات العامة فقط، لقد أوردت هذا النموذج لأنني لا أجد البديل.نبحث عن نواب يعرفون الحد الفاصل من التعاون والرقابة على السلطة التنفيذية فلا يطغى اتجاه على الآخر، التعاون مع الحكومة لا يعني أبداً تعطيل الأدوات الرقابية بما فيها تشكيل لجان التحقيق أو استجواب الوزراء فتمتنع عن استخدام هذه الأدوات على أساس أنك نائب «متعاون»، «فالرقابة» بحد ذاتها شكل من أشكال التعاون، إنك تمنح الحكومة فرصة لتصحيح أوضاعها أو تساعدها في الكشف عن أوجه القصور، حتى لو أدى الأمر إلى استجواب وزير وطرح الثقة به فإنك تساعد الحكومة على استبداله بمن هو أفضل.نحتاج إلى نواب يدركون أن الوعي الشعبي سبقهم بكثير وأنه بات يعرف أن الرقابة على الحكومة ليست ظواهر صوتية في الجلسات العامة و«حب خشوم» في الممرات، فتلك صور باتت معروفة ويرصدها الرأي العام بسهولة فلا تبرز «عروقكم» في الجلسات إن لم تكن هناك خطوات تتبعها، الرأي العام تعلم من الفصول التشريعية السابقة أكثر مما تعلم النواب القدامى أو الجدد، الرأي العام بدأ يكشف حتى النواب الذين يميلون عن اختصاصهم ويتحولون إلى حكوميين أكثر من الحكومة.نحتاج إلى نواب يستعينون بالرأي العام يستعينون بالخبرات يستعينون بالاستشارات المتخصصة فتتحول مجالسهم الخاصة وحساباتهم في وسائل التواصل ومنظومة اتصالاتهم كلها إلى مرافد للآراء المتعددة وجمع المعلومات لا إلى جمع العلاقات العامة لزوم التلميع.نحتاج إلى نواب يعرفون كيف يغطون المسافة التي بينهم وبين الخبرات وأصحاب الاختصاص بتجنيد جيوش للبحث ولجمع المعلومات ويستعينون حتى بالطلبة والعاطلين بمنحهم مكافأة مقطوعة كما يفعل نواب الدول الديمقراطية وكما تفعل الأحزاب المحترفة، لتشكل لهم قاعدة بيانات في أي موضوع سيطرح للمناقشة.نحتاج إلى نواب يتجاوزون مهام البلدية وينتقلون إلى مهام المجلس النيابي ولا يبدؤون دور الانعقاد الأول بأسئلة تتعلق بدائرتهم أو منطقتهم أو محافظتهم، «خلاص» حفظنا هذه اللعبة المملة التي يبدؤها النواب اعتقاداً منهم أنهم يردون الجميل لمن انتخبهم بهذا الدور الخدمي، نحتاج إلى أسئلة أجوبتها ننتظرها وتهم أبناء كل الدوائر والمحافظات في البحرين، لا تنس عزيزي النائب أنت هنا ممثل عن الأمة لا عن الدائرة.نبحث عن نواب يتجاوزون أخطاء وأغلاط النواب السابقين الذي أضعفوا المجلس وضيعوا الأدوات وفشلوا في خلق كتل متجانسة وتهافتوا على رئاسة الكتل وعلى مهمة المتحدث الرسمي لها، نواب اعتقدوا أنهم ممكن أن يخدعونا وهم يخدمون أنفسهم لا يخدموننا فلفظهم الناخب. نبحث عن نائب له كاريزما يستطيع أن يقود هذا الشتات ويعرف كيف يكسب زملاءه لا ينفرهم لكنه في ذات الوقت يعرف كيف يوظف الرأي العام لصالح العمل النيابي ويضع أي نائب متخاذل عن واجبه في مواجهة الرأي العام.نبحث عن جدية وانضباط يلزمان رئاسة المجلس وهيئة المكتب بتطبيق اللوائح الداخلية دون مجاملة ودون تردد، نبحث عن وضع أعراف احترافية مهنية تخلق لنا معارضة نيابية محترمة لها وزنها ولها ثقلها السياسي تحسب الحكومة له ألف حساب، لا تقول في نفسها الله يعينا على مضيعة الوقت! هكذا نواب لا يهمنا إن كانوا شيعة أو كانوا سنة معممين أو ملتحين سفوراً أو محجبات لا يهمونا حتى لو كانوا «روبوت» لا ملامح لهم إن كانوا ينطقون ويتحدثون بالحق وبلا محاباة ومجاملة، هكذا نواب إن وجدوا سيحترمهم الشعب كله، هكذا مجلس سيجبرك على احترامه.
Opinion
نريد مجلساً محترماً
24 ديسمبر 2014