الشيء المفرح والجميل، وإن اختلفت في الرؤى بعض الدول الخليجية والعربية بعض الأحيان، هو أن تبقى أواصر المحبة ممتدة بين حكامها وشعوبها، وهاهي اليوم تواصل ارتباطها وتواصلها وامتدادها بعودة العلاقات بإيجابية بين مصر العربية وقطر الخليجية، كما عادت قطر لإخوانها والتم شملهم بقوة أكبر وعلاقات أمتن ولله الحمد، كما أثبتت الشعوب الخليجية والعربية أنها باقية على ودها واندماجها بعضها ببعض، فلم يؤثر فيها اختلاف ولا خلاف، بل عاشت قضايا أمتها متفقة كأمة الإسلام التي إذا ما تعرضت دولة منها إلى عدوان أو كارثة لا قدر الله فتتآلف القلوب وتتشابك الأيدي للدفاع عن بعضها البعض، وهذا ليس أمراً غريباً وليس شيئاً جديداً، فالتاريخ الإسلامي يشهد بأن حضارة الإسلام امتدت ليس بشعب واحد، بل بشعوب اندمجت وأسست الجيوش الإسلامية بمختلف ألسنتها وألوانها تحت راية الإسلام، واستطاعت أن تبني حضارة ليس كمثلها حضارة ولا زالت باقية هذه الحضارة بإذن الله ما بقيت الدنيا. فمرحباً بعودة العلاقات المصرية القطرية، ومرحباً بعودة العلاقات الخليجية بأفضل مما كانت عليه، وذلك عندما ترجمت هذه العودة إلى قرارات إستراتيجية تتشكل منها مستقبل هذه الأمة، وذلك عندما تنعم دول الخليج بقوة دفاعية مشتركة، وبمساعدة إخوانهم من الدول العربية الذين هم شركاء الماضي والحاضر وإن شاء الله المستقبل في مواجهة عدوهم المشترك، الذي يبذل ما في خزائنه من مليارات لتفتيت وحدتهم، وهانحن نرى كيف تصدت إيران للاتحاد الخليجي، وبشكل علني، وهددت بالتصدي له، وها هي تتباهى بسقوط صنعاء وتهدد بسقوط الدول الخليجية واحدة تلو الأخرى، ولكن بفضل الله عادت الألفة والتم الشمل وتوحدت الأمة من جديد.ويبقى هنا اليمن الجريح الذي غدرت به الصفوية، وذلك حين استغلت انشغال إخوانه من دول الخليج والدول العربية عنه لأسباب قدرها الله، نرجو أن تكون هي أسباب كانت خيراً للأمة، فكم من الكراهة أعقبها خير، ولكن لا بد هنا أن تلتفت هذه الدول إلى اليمن فهو المدد الذي تحدث عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا بد من خطوات إيجابية تتخذها الدول الخليجية والعربية، وذلك عندما تنظر إلى هذا المدد بأنه ثروة بشرية جبارة فيه من الرجال الذين سينفعون الأمة، وذلك حين تضمهم هذه الأمة بين أحضانها وتنتقي من أبنائهم جيوشاً، فالثروة البشرية اليوم هي الموارد التي تقوم عليها قوة الأمم، وخاصة عندما تكون هناك بعض من الدول التي تحتاج إلى جيوش مسلحة ومدربة، وهذه الدولة لديها من القدرة المادية أن تبني قوة عسكرية هائلة، فكيف إذا كانت هذه القوات من خير رجال الأمة، والذي شهد على خيرتهم الله سبحانه وتعالى في كتابه وأثنى عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم.إذاً فالنظرة الإستراتجية لا بد أن تكون أوسع وأحوى، وأن يكون هذا الاندماج متكاملاً اقتصادياً ودفاعياً، وها قد حبانا الله سبحانه وتعالى بثروات مادية هائلة من نفط ومن أراض تتفجر فيها الأنهار وتكثر فيها المراعي والزروع، وهذه الخيرات لم يخص بها الله سبحانه وتعالى إلا دول العرب والإسلام التي حباها برجال صادقين مخلصين لله ولرسوله ولأمتهم، وهذا الخير لم يتوفر في أمة قط، كما حباها بكل ما تحتاجه لبناء قوة إسلامية موحدة لمواجهة التكالب والتحالف بين قوى الشر التي تسعى إلى تحطيم الدول العربية ثم تتبعها بتحطيم الدول الخليجية التي لن تسلم منهم أي دولة إذا ما أفتلت حزمتهم أو ابتعدت عنهم وظنت بأنهم بمفازة وأن لن ينالها الغدر الصفوي الصهيوني.ولا بد هنا أن نتذكر مواقف الأمة وذلك عندما وقفت صفاً واحداً ضد العدوان الإسرائيلي آنذاك، حيث دعمت الدول العربية والخليجية بالمال والرجال، وهذا نص من بيان لوزارة الدفاع والطيران في المملكة العربية السعودية حول اشتراك قواتها في هذه الحرب: «أمر جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز بأن توضع كافة القوات العربية السعودية بأقصى درجة الاستعداد للمشاركة في معركة الأمة الكبرى.. دفاعاً عن الشرف والكرامة واسترداد الأرض وتحرير المقدسات الإسلامية، وأن المملكة العربية السعودية تضع كافة إمكانياتها وطاقتها لخدمة المعركة»، ونحن اليوم لا نريد حروباً بل اتحاداً يواجه التغلغل الصفوي الذي بدأ يتسلل عبر اتفاقيات ومبادارت ومعاهدات وتبادلات تجارية وثقافية، وهي كارثة أكبر من الكوارث البيئية والحربية، التي تسلم الأمة لعدوها برضاها حتى يبتلعها، وهاهي صنعاء بعد بغداد تسقط بدون حرب، وذلك بعدما تشتت شمل الدول العربية بين حروب وانقلابات، ولكن لله الحمد وقبل فوات الأوان عادت الأمة إلى وحدتها، واستمرت الشعوب في علاقتها وهم صمام الأمان الذي منه يبنى اتحاد عربي خليجي مشترك، عندما تستعين الأمة بعضها ببعض كما كانت في زمن الفتوحات الإسلامية.
Opinion
نحو اتحاد خليجي عربي
25 ديسمبر 2014