ركوناً إلى نظرية «القوي يأكل الضعيف» تعاني بعض الأسر في مختلف القرى والمدن من مشكلة وضع حاويات القمامة قريباً من بيوتها، ما يحيل حياتها إلى جحيم، فهي لا تستطيع أن تدخل في مشكلات يومية مع الجيران وليس لها «نفر كبير» في الجهة المعنية يأمر بتغيير مكان الحاويات، فيصبح أفراد تلك الأسر ويمسون على روائح نتنة ومناظر تغلق كل أبواب الإبداع في وجوههم. لن أستعين بالقرى والفرجان وسط العاصمة لتكون مثالاً، ولكني سأختار لفت انتباه المسؤولين في البلديات و»التخطيط العمراني» إلى أن مدينة تحمل اسم جلالة الملك «يجب» أن تكون نظيفة ونموذجاً. ليس هذا ادعاء حيث يكفي أن يكلف أحدهم نفسه فيأخذ «فرة» في مدينة حمد قبل وصول شاحنات القمامة ليلاً ليرى بأم عينيه واقع الحال. في سنوات سابقة ألزمت البلدية المواطنين والمقيمين بوضع القمامة في أكياس سوداء خاصة بها وربطها بخيوط خاصة وإخراجها قبل التاسعة مساء، حيث تقوم كل أسرة بوضعها بشكل حضاري أمام باب بيتها لتأتي شاحنة القمامة فتلتقطها بشكل سريع ومنظم فلا تترك أي آثار في المكان. أي أن من يتأخر عن إخراج كيس القمامة عن الوقت المخصص لإخراجه سيضطر إلى أن يراه قابعاً أمام باب بيته حتى مساء اليوم الثاني أو -لو كان مهتماً بالنظافة- يحمله في سيارته إلى حيث يضع «المتخلفون» أكياسهم. لكن الجهات المعنية ألغت هذا الأسلوب لأسباب لا أعرفها، فصارت توفر حاويات القمامة في مختلف المناطق ليضع فيها أهل المكان الأكياس السوداء وأكياساً أخرى صغيرة وكبيرة بمختلف الألوان والمحتويات، وكذلك مخلفات وأدوات يريدون أن يتخلصوا منها فيرمونها في نفس تلك الحاويات أو بجانبها، فيتحول المكان إلى «مزبلة» حقيقية، لا ينتهي فصلها الأول مع قدوم شاحنات جمع القمامة حتى يبدأ فصلها الثاني لأنها سرعان ما تمتلئ بـ»الكوارتين» التي يخرجها أصحاب البرادات القريبة من تلك الحاويات وينثرونها بطريقتهم المعبرة عن «مستواهم الثقافي» ليعود المشهد أكثر سوءاً، وإن كان محفزاً على التقاط صور قابلة للفوز في المسابقات العالمية. في العديد من بلدان العالم التي زرتها وزارها كثيرون رأينا كيف يتم تطبيق قوانين البلديات بما يضمن تحقق النظافة وتحول تلك العملية السهلة إلى ممارسة وسلوك تجعل من يراها يقول ببساطة إن هذا الشعب متحضر ويستحق الحياة. في تلك البلدان لا تلتقط شاحنات البلدية الأكياس غير المخصصة لوضع القمامة فيها، ولا تلتقط الأكياس التي يتم جمعها في مكان محدد بغية التخلص منها كما هو لدينا. هناك شاهدنا كيف أن صاحب المنزل يركض بكيس القمامة كي يضمن ألا يتورط به فيبقى أمام منزله أو في مطبخه. وهناك رأينا كيف أن الكثيرين يضعون الزجاجات في كيس واحد والمواد البلاستيكية في كيس آخر، وهكذا بالنسبة لمواد أخرى ويضعون في جداولهم أنهم سيأخذون هذه الأكياس إلى المكان المخصص لها والذي يكلفهم الوقوف في طابور طويل حتى يصلهم الدور فيضعون كل كيس في مكانه المخصص ليعاد تدوير تلك المواد. أعرف أن البعض سيقول إن المقارنة بيننا وبينهم صعبة، فنحن نتحاج إلى وقت طويل كي نصل إلى هذه المرحلة، هذا صحيح، لكن لماذا لا نبدأ من الآن لنقلل الزمن الذي نحتاجه إلى ذلك التحول؟ ربما تمكن الوزير الجديد من حل مشكلات كثير من الأسر المغلوبة على أمرها، وتمكن بالتالي من تقديم نموذج يفاخر به، اسمه مدينة حمد.الأمر في اعتقادي لا يحتاج إلا إلى قرار وصرامة في تنفيذه، وبالتأكيد سينهي مشكلة استخدام تلك الحاويات في المواجهات مع رجال الأمن والمناظر القبيحة التي تنتج عن نثرها في الشارع العام.
Opinion
إنها أكياس قمامة
26 ديسمبر 2014