مع نشوب أزمات سياسية في المنطقة والعالم، ومع تلاحق الأزمات المالية والمصرفية وانهيار البورصات والاقتصادات العالمية، إضافة لتدهور أسعار النفط في الآونة الأخيرة، يكون لزاماً على دولنا العربية أن تتجه لخيارات أخرى، لا تقل أهمية عن قضايا النفط والبورصات وسوق الذهب، وهذا الأمر يجعل الخيارات كما الأسئلة مفتوحة على مصراعيها، للوقوف على كافة الخيارات المتاحة لدولنا، لتعويض الخسائر الفادحة التي قد تترتب من جراء كافة الأزمات السياسية والاقتصادية الحاصلة.ما هو مطلوب اليوم، أن تتجه الدول العربية عموماً والخليجية خصوصاً إلى الخيارات الأخرى غير النفطية، من أجل الاعتماد على مداخيل جديدة وإضافية وربما ستكون هي الرئيسة في المستقبل، لأن الضربات الاقتصادية المتتالية سوف تجعل اقتصاداتنا لو تم الحال كما هو عليه الآن، تترنح بسبب ضيق وقلة الموارد المتاحة التي تعتمد عليها دولنا العربية والخليجية.إن العالم اليوم مقبل على مجموعة من الأزمات الخطيرة، ففقدان الأمن السياسي والمائي والغذائي والاقتصادي هو الذي يبدو واضحاً في الأفق، إضافة لطبول الحرب التي بدأت تقرعها الدول المجنونة في المنطقة والعالم لفتح أبواب جهنم على ملايين من البشر، هذا وغيرها من الأزمات الاقتصادية التي أشرنا لها في بداية حديثنا، يجعلنا نسارع في رسم خيارات اقتصادية أخرى جديدة، ربما تكون حاضرة لكن على استحياء، أو مهملة بسبب الإهمال والاتكال الكامل على الذهب الأسود والأصفر، مما جعل هذه الخيارات غير حاضرة في سلَّم أولويات دولنا العربية قبل تفاقم كل هذه الأزمات.على الدول الخليجية تحديداً أن تقوم باعتمادات اقتصادية قوامها الإنسان الخليجي أولاً والعربي ثانياً، وأن تستعيض عن بيع النفط، بإحياء السياحة بكافة أشكالها وأنواعها، وأن تعتمد على مصادر أخرى كالصناعات الوطنية الكبيرة، وتطوير نظام القطاع المصرفي، واستحداث نظام ضريبي مقبول يعتمد على معايير متوازنة وحقيقية ويشمل الجميع، دون وجود استثناءات أبداً، وإزالة ثقافة الدولة المعيلة من أذهان الناس، وإشراك القطاع الخاص في كافة مشاريع الدول الخليجية بشكل فاعل، وإعطاء المواطن الخليجي كامل الحرية والثقة في بناء اقتصاد وطنه.في البحرين، نجد أن الميزانية العامة للدولة تعتمد اليوم ما نسبته 75%-85% على الإيرادات النفطية، و15%-25% على الإيرادات غير النفطية، وهذه نسب غير آمنة بل ربما تكون خطرة للغاية، لو استمرت الأزمة النفطية لفترات أطول.إذن، يجب على دول الخليج العربي أن تخطو من الآن نحو استرداد عافيتها السياسية والاقتصادية، وذلك عن طريق تنوع مصادر الدخل الوطني، وتطوير اقتصاداتها بالاعتماد على الذات والطاقات الوطنية والمحلية، وهذا لن يكون إلا إذا تزامن مع استقراراتٍ سياسية واضحة، وتطوير الحياة السياسية للفرد الخليجي، والابتعاد قدر الإمكان في الاعتماد المطلق على الدول الأجنبية، تلك التي ورطتنا في مصادر أحادية الدخل، تخدمها أكثر مما تخدمنا، وهذه هي ورطتنا لو بدأنا نقوم بدور «البقرة الحلوب» لغيرنا.