أذكر أنني كنت في مقابلة بتلفزيون البحرين خلال فترة المحاولة الانقلابية، ومن ضمن جملة من الرسائل النصية التي كانت تصلني حينها من المواطنين، رسائل أرسلها أصدقاء بحرينيون من الطائفة الشيعية وتحديداً من العجم، كانوا يطلبون فيها التوضيح لمن يستمع بأنهم مواطنون ولاؤهم الأول والأخير لهذا الوطن، وأنهم يرفضون ما يحصل وأنهم مع الدولة ولا ينكرون كثيراً من الإنجازات التي تحققت على امتداد عقود طويلة للدولة البحرينية، ولا النقلات الكبيرة التي قام بها جلالة الملك حفظه الله عبر مشروعه الإصلاحي.كنا نقول ومازالنا في معرض تصدينا للأكذوبة الكبرى التي سعت الوفاق لإيهام العالم بها انها «ممثلة عن شيعة البحرين»، كنا نقول إن هذه محاولة لسرقة إرادة الناس وتشويه صورة البحرين، وبيان أنها دولة تفرق بين الناس حسب مذاهبهم. البحرين كانت في الماضي الجميل دولة تضم جميع الأطياف والأعراق، كانت بيوت البحرينيين مفتوحة على مصراعيها، السني يدخل بيت الشيعي والعكس، في محرم كنا نذهب للمآتم ونتواصل مع إخواننا من الشيعة، نتبادل الصحون والأطباق في رمضان، أي تعزية تحصل لا يتردد أحدنا في دخول مأتم أو مسجد للتعزية. كانت البحرين هي الأصل في الطيبة والتسامح بين أبنائها، كان لا يقال هذا بحريني شيعي أو بحريني سني، بل يقال هذا بحريني، ما يعني أنه شخص سمح طيب كريم ومضياف.هذه الصورة الأصيلة للبحرين عمدت الوفاق إلى تغييرها، صناعة الكراهية هي نهجها المستمر، التفريق بين السنة والشيعة هو الفأس الذي تسعى به لضرب وحدة المجتمع به، وللأسف خلال المحاولة الانقلابية الطائفية نجحت نسبياً في ذلك، لكن رغم كل شيء يبقى البحريني المخلص الأصيل سنياً أو شيعياً من ذوي الأصول العربية أو إن كان من الهولة أو العجم وغيرهم يقدم بلاده البحرين على أي شيء.هنا توجه التحية للإخوة الوطنيين المخلصين القائمين على «مأتم العجم الكريم»، على موقفهم وبيانهم المستنكر للتهديدات الإيرانية المستمرة بحق البحرين. نشيد بهم على موقفهم الوطني وهو موقف ليس بغريب عليهم، من رجال هم امتداد لمؤسسي هذا المأتم والذين كانت لهم وقفة تاريخية لا تنسى بداية الثمانينات في تعاضدهم مع الدولة وأميرنا الراحل الشيخ عيسى بن سلمان، وسمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله، في صد مخطط انقلابي إرهابي بقيادة هادي المدرسي المدعوم من إيران.رجال نادي المنامة كانوا سباقين من بين أندية البحرين الرياضية والثقافية التي استنكرت هذه التصريحات والتهديدات الإيرانية السافرة بحق بلدهم.هذه هي مواقف البحرينيين الذين يحبون هذه الأرض، هؤلاء المخلصين من الاستحالة أن يهللوا ويطبلوا ويزمروا لبيان وتصريح يصدر عن شخصيات إيرانية أو قنوات تتبع نظام المرشد الإيراني تستهدف بلدهم. ليس المخلص المحب لبلدهم الذي يسعى للاستقواء بالأجنبي ويستنجد به، فما بالكم بالاستجداء والاستقواء بمن تاريخهم زاخر بمحاولات استهداف البحرين وزرع الخلايا العميلة فيها.توقيف خادم الولي الفقيه وثاني أكبر المحرضين على البحرين كشف وجوها عديدة، جعل أربابه في إيران يصرخون ويهددون ويتوعدون، جعلوا أتباع المرشد الإيراني يرعدون ويزبدون، وكل هذا مفهوم تماماً. فالدمية التي تم تصنيعها وتغذيتها والعناية بها لتقود انقلابات مخطط لها لاستهداف البحرين سقطت في مطب، ووصل بها الانفعال للحديث صراحة عن «إقامة معركة دموية في البحرين والاستعانة بمن اقترحوا أن يمدوهم بالسلاح». وبغض النظر عن موقف القبول والرفض من هذه المسألة، يكفي الجلوس مع كارهي الوطن من جهات خارجية لتثبيت تهمة الاتصال بجهات خارجية بهدف استهداف البلد، وهي العقوبة المنصوص عليها في قانون الإرهاب، وهي العقوبة التي حاولت الوفاق أن تخففها حينما كان لها أعضاء في المجلس النيابي.كل محب لهذه الأرض باختلاف أصوله ولسانه ومذهبه يتفق مع إخوانه على شيء واحد يظل هو الثابت والأساس، يتفقون جميعاً على بلدهم البحرين، التي لا يقبلون بأن يمسها أي كاره أو طامع بكلمة، أما من يهللون للأجنبي إزاء محاولته التدخل في بلادهم، هؤلاء لا يستحقون حتى وصف مواطن، فالمواطن لا يخون بلده مهما حصل.