غداً «الثلاثاء» سيكون يوماً استثنائياً بالفعل، حيث سيعرض صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء حفظه الله برنامج عمل الحكومة على أعضاء مجلس النواب المنتخبين وفق إرادة الشعب، وهي المرة الأولى التي تحصل فيها هذه الخطوة التي جاءت بعد التعديلات الدستورية الأخيرة.ليست المرة الأولى التي يكون فيها صاحب السمو رئيس الوزراء في البرلمان، فهذا الرجل يقدم لنا يومياً دروساً في التواصل مع الجميع، أبناء الشعب البسطاء وصولاً إلى كبار المسؤولين والنواب. وتقديمه بنفسه لبرنامج عمل الحكومة الذي عملت عليه اللجنة الوزارية برئاسة سمو ولي العهد وفقه الله عامل كبير يمنح الثقة، فالبحرينيون المخلصون يثقون تماماً في رجل لا يكل ولا يمل في عمله من أجل البحرين، فخليفة بن سلمان يبقى قصة بحرينية أصيلة بحد ذاتها.تصريحات سمو رئيس الوزراء في مجالسه مؤخراً بشأن برنامج الحكومة وربطه بمصلحة الوطن والمواطن، وتأكيده وتشديده على وزراء الدولة بالتفاعل الإيجابي مع الناس والصحافة وأعضاء السلطة التشريعية دليل على رغبة الحكومة العمل بصورة أكثر قرباً والتصاقاً مع الناس ومن يمثلونهم.هو حدث فارق، ونصفه بذلك لأنه يثبت شيئاً بالغ الأهمية يغفل عنه كثيرون. إذ نحن في البحرين ننظر لرموز الحكم نظرة فيها ارتباط عميق عن النظرة التي ينظر لها كثير من الشعوب حول العالم للحكومات. هم ليسوا بالنسبة لنا خصماً أو جهة تحارب أو تكره، هم - وأعني عائلة آل خليفة المالكة الحاكمة - كانوا على امتداد العقود العديدة الماضية كياناً واحداً متمازجاً مع الشعب المؤتمنين عليه، لم نر في كبار الشيوخ ورموز الحكم غطرسة أو كبراً وعلواً، بل كانوا مع الناس دائماً، يبنون هذا الوطن، وإن كانت من أخطاء فهم يصلحونها، وإن كانت من انتقادات فيسمعونها، ومجالسهم المفتوحة خير دليل على ذلك.نجلس مع الناس في مجالسهم وهناك يدور كثير من النقد وأحياناً القاسي، لكننا نقول بأن مثل هذا الكلام لو طرح أمام حكام البلد، أمام جلالة الملك أيده الله بالنصر الدائم أو سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد حفظهما الله لما استجلب استياءهم، بل على العكس لاستجلب شكرهم لقائل الكلام وموجه النصح ولشدوا على يده. هذه المواقف تحصل بكثرة في لقاءاتنا بهم، ويشهد عليها حتى بعض الإعلاميون الذين تكتب أقلامهم كلاماً مؤسفاً أحياناً ضد الوطن. الكلمة الحرة تقال بـ «مسؤولية» ولا تقال بقلة أدب وتطاول وإسفاف في اللفظ، والتقبل موجود لأي نقد عقلاني وكلام هدفه الأول والأخير مصلحة البحرين وأهلها لا مصلحة فئات وأجندات.وعليه، فإن وجود سمو رئيس الوزراء في البرلمان غداً حدث مميز، وما يميزه أكثر استعراض برنامج عمل الحكومة أمام النواب، وما يرتبط به من مصلحة للناس والبلد، والإيجابي جدا أن للنواب كلمتهم فيما يطرح، ليست كلمة مبنية على فهم مسبق خاطئ بأن الرفض هو دليل «صرامة» أو «قوة» النائب المطلوبة، بل الكلمة الأهم تتمثل بإضفاء الرأي السديد وتحسين المعروض من أفكار وخطط والمساعدة في ترقية البرامج التي تقدمها الدولة لو جدت فيها حاجة للتطوير.البحرين كدولة تطورت كثيراً خلال السنوات الماضية، منذ مرحلة إعلان الاستقلال التام والانضمام للأمم المتحدة، امتداداً ببدء المشروع الإصلاحي لجلالة الملك ووصولاً للحظتنا التاريخية اليوم. قيادة البلد واكبت التطورات العديدة في العالم، طوعت حراكها وأسلوب عملها مع التقدم والعولمة ومتغيرات العالم، انفتحت أكثر ومنحت الناس فرصاً وفسحات أكبر للتعبير والمشاركة، وتصل اليوم لتكسر حتى الصورة النمطية التي تصور الحكام في صورة لا ينبغي لهم من خلالها النزول للناس، بل على العكس هم يتعاملون كمواطنين مسؤولين عن مواطنين ينتظرون منهم حلولاً للمشاكل وبرامج للتنمية ومشاريع للتطوير، لذلك نرى ملكنا العزيز يشارك الناس في أنشطة عديدة، تراه في موسم التخييم ينزل لأماكنهم، في الفعاليات يقبل بعفوية التداخل معهم وحتى التقاط الصور، سمو رئيس الوزراء هو الضارب لأروع الأمثلة للتواصل، في كل مكان تجده، في أفراح الناس وفي أحزانهم، في مجالسهم وفي مشاريع التنمية حول البلد، مجلسه مفتوح وصدره رحب، كلامه واضح ومباشر، مبادئه الوطنية ثابتة يستمد منها كل وطني قوته، وسمو ولي العهد يصادفه الكثيرون في شوارع البحرين يقود سيارته بنفسه ويلوح للناس محيياً.الفكرة، بأن الدولة برموزها كسروا كثيراً من القيود، غيروا الكثير لأجل الناس والبلد، مساحة الحرية وقبول النقد اتسعت بشكل لا يمكن إنكاره. يبقى السؤال بشأن من لم يتغير ولا يريد للناس أن تتغير، ومن مازال يعيش في نمط التبعية العمياء ومن يحجر على الناس حرياتهم ويحركهم بفتوى وينومهم بفتوى ويدفعهم للموت بفتوى.البحرين تمضي للأمام، وجميع من يحبها كلاً في موقعه عليه واجب المساهمة في هذا المضي، الدولة تعمل والحكومة تعمل والسلطات المتعددة تعمل والمواطن بنفسه يعمل، ومن يريد أن يهدم سيجد أمامه أيادي لا تعد ولا تحصى توقفه عند حده وتبعد يده الآثمة عن إيقاع الضرر بالبلد.نترقب اليوم التاريخي في مجلس النواب الجديد بتصويته التاريخي بحضور رجل كتب تاريخ البحرين بجهده وعمله، وكلنا أمل أن تكون حكومة خليفة بن سلمان وبرلمان شعب البحرين كياناً واحداً لا اثنين، يعمل لأجل هذا الوطن وأهله ويدرأ أي شر يتربص بهما.