نحتاج من إعلامنا ومن صحافتنا تحديداً أن يعاد ترتيب الأولويات وندرك أن هناك متغيرات وأموراً وأحداثاً جرت على الأرض منذ 2011، وأن البحرين الآن لديها ملفات جديدة لا تقل أهمية عن الأحداث التي جرت وتبعاتها، وأن هذه الملفات الجديدة بحاجة إلى تركيز وبحاجة إلى إعلام متابع وراصد.البحرين تمر بتجربة فريدة من نوعها على المستوى السياسي تتمثل في زيادة عدد الأحزاب السياسية والمؤسسات المدنية وزيادة اختصاصات وصلاحيات السلطة المنتخبة بشكل يفوق بكثير التجربة الكويتية التي سبقتنا بنصف قرن، يحدث هذا التغيير وسط اهتمام دولي في البحرين لا يقتصر ولا يقف عند أي من الجمعيات السياسية بالاسم، فالمراقب الدولي إعلاماً كان أو حكومات يتابع نوعية وطبيعة وسقف الحراك السياسي أياً كان مصدره، الإعلام أو المؤسسات المدنية الجديدة أو الجمعيات السياسية، والاهتمام يمتد ليشمل الحراك المدني الجديد مؤتمر سيدات الأعمال، مؤتمر رواد الأعمال، مؤتمر حقوق الإنسان الخليجي ووووو.وفي هذه الملفات تجري أمور كثيرة الآن في البحرين استنهضت من أجلها الحكومة البحرينية جهدها حتى تكون على المستوى المناسب لهذه المرحلة، فلا يكون الإعلام البحريني خارج نطاق التغطية الواقعية ويبقى أسيراً لملفات قديمة أغلقت واقعياً لكنها مازالت مفتوحة إعلامياً بسببنا. التعاطي مع أي مسألة أو حدث يتعلق بالجمعيات «إياها» يجب أن يكون على قدر أثر هذا الأمر على الواقع البحريني، والأثر يقاس في قدرة هذه الجمعيات على تعطيل حياتنا أو قدرتها على الإضرار بنا كمواطنين، وحجم ردود فعل تلك الجمعيات على مسألة التوقيف والتحقيق مع علي سلمان لا يزيد عن خروج ما مجموعه عشرات من الأنفار في بضع قرى بحرينية هذا ما تؤكده صورهم هم لا أرقام وزارة الداخلية، حتى لو كبرت صحيفتهم الصور وأعطتهم نصف الصفحة الأولى و«المانشيت» الرئيس لهم وحتى لو كان المصور واحداً للجمعية وللجريدة، فإن هذا التفخيم في الأحداث بتكبير الصورة واستخدام توصيفات مثل «مسيرة هادرة ومسيرة حاشدة وجماهير خاثرة ووووو» من أجل معالجة الضعف والواقع تنفيه الصورة ذاتها.فإن كانت الحياة مستمرة والحال في باقي مدن وقرى البحرين أكثر من عادي وأهالي القرى في الأسواق والمماشي وفي الحدائق، فلم يساهم إعلامنا في تضخيم ما هو صغير؟ فلا ننجر للفخ المنصوب لنا وننقذهم ومنحهم طوق النجاة الذي يريدون.بإعطائهم زخماً لا يوجد إلا في الفضاء الإعلامي ولا يتناسب مع ما هو موجود على أرض الواقع، لم ننجر للفخ والطعم الذي يلقى للإعلام من أجل خلق حالة جدلية غير موجودة على أرض الواقع ولا توجد إلا على صفحات صحافتنا وعلى فضائيات محددة ومعروفة غائصة وشريكة في ذات المشروع الذي فشل وسقط سقوطاً مدوياً؟ لهذا هي تصر على إجراء المقابلات ومشاركتنا في برامجها من أجل إحياء مشروع ميت، مشاركتنا ومقالاتنا لا تزيد عن نفخ للهواء في جثة هامدة.حتى التصريحات الأمريكية والإيرانية التي خرجت هي من باب إبراء الذمة من تلك الحكومتين ولا تزيد عن كونها مجرد «تصريحات» تستخدم كالحجارة التي تلقى في المياه الراكدة بغرض خلق حالة جدلية فضائية لا وجود لها على أرض الواقع.تصريح لعقيد إيراني، تصريح لخطيب جمعة إيراني، تصريح للخارجية الإيرانية، كلها هدايا من السماء تلقى لنا تثبت حقيقة مؤكدة نعرفها منذ زمن لم يدخل عليها أمر مستحدث أو جديد ولا أثر لها على حياتنا، يكبر أثرها بردود أفعالنا وانجرارنا لفخها فقط.فلا خروج بضع عشرات في بعض القرى مؤثر على سير حياتنا ولا ما يجري في الإعلام الإيراني والقنوات العربية التابعة له والخادمة لمشروعه يؤثر على سير حياتنا فلم نمنحهم نحن هذه القيمة؟تخيلوا لو أن مقالات الرأي في صحافتنا خلت من ذكر لهم لمدة أسبوعين فقط.. سترون حجمهم الطبيعي وسترون الناس مشغولة عنهم بألف قصة وقصة مهمة ولن يشعر أحد بتغير يذكر وسترون بأن من كان ينفخ في الجثة هو نحن لا هم!! لنبدأ من الغد وسترون الواقع الحقيقي علينا نحن كتاب الرأي أن نبدأ بمراجعة أنفسنا ونخرج من شرنقة 2011 فلا ننجر ونسارع ونشحذ الهمة للرد دون وعي وإدراك لكل حجر يلقى في بحيرتهم الآسنة.ملاحظة:الكلام ينطبق على وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً.