صدر تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية وينشر اليوم في الصحافة المحلية، ويتزامن مع الإعلان عن تفاصيل برنامج عمل الحكومة اليوم أيضاً. طلبنا من النواب التوقف عن المزايدات على التقرير والتعامل معه بإيجابية وجدية انطلاقاً من المسؤولية الوطنية. ولكننا اليوم نطلب من الحكومة كذلك التعامل مع التقرير بجدية ومسؤولية أيضاً كما تعاملت مع التقرير الفائت من خلال اللجنة التنفيذية التي يرأسها سمو ولي العهد. تجربة العام الماضي كانت جيدة وتستحق التكرار والتطوير لأنها أفضل من صمت المسؤوليـــــن والمؤسســـــات الحكوميـــة المختلفة التي تكتفي عادة بإعداد ردود إنشائية وتنشر في الصحافة لاحقاً لبيان بعض الملابسات للرأي العام. المسؤولية كانت شعار تعامل الحكومة مع تقرير ديوان الرقابة في العام الماضي، ولكن المسؤولية أيضاً تتطلب مزيداً من المحاسبة لكافة المسؤولين والمؤسسات الحكومية على التجاوزات الإدارية والمالية، فمن يثبت تجاوزه يجب أن يحاسب إدارياً من قبل الجهة المسؤولة، ويحاسب قانونياً من خلال الملاحقة القضائية. والعام الماضي تم إطلاع الرأي العام على جهود اللجنة التنسيقية لتتبع مسارات المساءلة والمحاسبة وكانت تجربة إيجابية نتطلع لتكرارها. بالنسبة للنواب فمن الأجدى لهم الانشغال بتعديل الإطار القانوني لديوان الرقابة المالية والإدارية وبحث كيفية تفعيل العلاقة القائمة بين الديوان نفسه والسلطة القضائية بحيث يتم تحريك دعاوى مباشرة ضد المسؤولين الثابت تورطهم في التجاوزات الإدارية والمالية، بدلاً من ترك هذه المسؤولية للحكومة من أجل مزيد من البحث ومن ثم الإحالة للقضاء. التفعيل السياسي لمسؤولية الملاحقة القضائية في علاقة الديوان بالقضاء من شأنها أن تكون أداة رقابية فعالة من قبل السلطة القضائية بدلاً من انتظار تقييم الحكومة ومن ثم الملاحقة، وهي من الممكن أن تكون أكثر ردعاً وأسرع في المحاسبة. النواب في تشكيلة برلمان جديد وحان الوقت لمراجعة دور ديوان الرقابة المالية والإدارية وعلاقته بالجهات الأخرى ذات الاختصاص بما يملكونه من صلاحيات دستورية والهدف من هذه العملية هو تطوير هذه التجربة. المسألة أيضاً تتطلب من الحكومة إعداد تقرير سنوي ينشر تزامناً مع تقرير الديوان يتضمن ماذا فعلت من إجراءات وأنظمة وملاحقة قضائية على مدى عام كامل لمحاسبة المتورطين في التجاوزات الواردة في التقرير السابق، ومن الممكن أن يكون هذا عرفاً حكومياً بامتياز يعكس جدية الحكومة وحرصها على المحاسبة الذاتية الدائمة. من المشاريع التي يمكن تطويرها حكومياً للتعامل مع ظاهرة التجاوزات الإدارية والمالية استحداث نظام خاص يشمل كافة الوزارات والأجهزة الحكومية ويعتمد على ترتيبها وتصنيفها حسب التجاوزات الموثقة فيها، بحيث تكون هناك نقاط لكل جهة حكومية وبالتالي يمكن معرفة أكثر الوزارات والمؤسسات من حيث التجاوز الإداري والمالي والعكس صحيح، ومن شأن هذا النظام تحفيز هذه الجهات على المحاسبة الذاتية والحد بأقصى درجة من التجاوزات بدلاً من انتظار تقرير ديوان الرقابة كل عام.