الكرة الآن في ملعب مجلس النواب الذي تلقى بالموازاة أيضاً كرة «ثلج» من العيار الثقيل متمثلة في تقرير ديوان الرقابةلعلها مفارقة غريبة أن يتزامن تقديم الحكومة الجديدة لبرنامجها أمام مجلس النواب المنتخب مع صدور تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية في نسخته الحادية عشرة.بالأمس عجت الصحافة المحلية بمقتطفات من تقرير الرقابة الجديدة، هناك صفحات أفردت، وملاحق أنشئت لنشر بعض مقتطفات التقرير، ونقول «بعض» لأن التقرير الذي كان قبل عامين يقارب 500 صفحة وصل في عدد صفحاته إلى 800، ولأن ما ينشر ويقرؤه الناس ويصل الصحافة هو غيض من فيض، بينما التقرير الكامل من الجلدة إلى الجلدة يصل نواب الشعب والحكومة.يوم أمس بالنسبة للمواطن يوم ثقيل بالضرورة حينما يقرأ ما يمكن اعتباره «نشر غسيل» لأداء بعض قطاعات الدولة، يوم ثقيل عليه وهو يقرأ ويتمعن في الأرقام التي تشير لتجاوزات وهدر مالي، وطبعاً الأسف والحسرة يكونان على أعلى درجة لهما حينما يدرك الناس والمتابعين بأن هناك أموراً لا تمثل أولويات لهم خسرت البلد ملايين الدنانير، وأن هناك من المسؤولين من هو أصلاً لا يمتلك مسؤولية في إدارة شؤون القطاع الذي أؤتمن عليه.الحكومة قدمت تقريرها بالأمس وحضر سمو رئيس الوزراء حفظه الله لمجلس النواب لهذا الغرض، وبذلك تكون الكرة الآن في ملعب مجلس النواب، الذي تلقى بالموازاة أيضاً كرة «ثلج» من العيار الثقيل متمثلة في تقرير ديوان الرقابة.لدينا الآن شهر على دراسة برنامج الحكومة ووضع الملاحظات عليه ومناقشته وصولاً للنتيجة بالقبول أو طلب التعديل عليه، لكن في المقابل أنظار الناس ستتركز على النواب، ولا أحد غيرهم، بشأن تقرير ديوان الرقابة، فهذا المجلس الجديد الذي يضم ثلاثين نائباً جديداً، كثير منهم أقسم للناس الذين انتخبوه بأن أداءه سيكون أفضل من سابقيه من خلال القرب من الناس والتمثل بصوتهم وهمومهم، هذا المجلس يبدأ عمله بداية فيها تحد وعبر طرق وعرة.للمرة الأولى سيكون مصير برنامج الحكومة بيد النواب، وهنا ننتظر أسلوب التعاطي ونتطلع لأن يكون مسؤولاً وفاعلاً من خلال التعاطي الجاد الذي يهدف لمصلحة البلد. اطلعنا كصحافة على برنامج عمل الحكومة ظهر أمس في لقاء خاص جمع الكتاب ورؤساء التحرير مع وزير شؤون المتابعة بمجلس الوزراء ووزير الإعلام، وطرحت العديد من التساؤلات ودار نقاش إيجابي بين السلطة الرابعة وبين ممثلي الحكومة، والخلاصة تمثلت بأن البرنامج بالعديد من الإيجابيات فيه وما بني عليه من استقراءات لمطالب الناس وتحديات المرحلة القادمة خاصة ما يرتبط بالاقتصاد وتذبذب سعر النفط، هذا البرنامج لن يفعل إلا عبر تعاطي السلطة التشريعية معه، والتي بدورها قد تطرح عديداً من الأسئلة بشأن آليات التنفيذ والجداول الزمنية وغيرها، دون أن يغفل دور الموازنة العامة للعامين القادمين، والتي هي بحد ذاتها ستكون تحدياً للنواب.ممثلو الشعب الآن في وضع مزدحم عملياً، هم بين التعاطي مع برنامج الحكومة وما يتضمنه من تفاصيل، وبين التعامل الجدي مع تقرير ديوان الرقابة، والأخير يستقطب أنظار الناس وسيكون محكاً للنواب الجدد ليثبتوا جديتهم فيه، إذ التقارير العشرة الماضية لم تشهد استخداماً فاعلاً لأدوات المساءلة والاستجواب وطرح الثقة بدليل عدم وجود مسؤول واحد تزحزح من مكانه بسبب ما ورد في التقرير، وعليه فإن على النواب الانتباه لنقطة هامة تتمثل بشأن التقرير، وهي أن الناس يترقبون منهم التعامل الجاد ومحاسبة المستهترين، هذه خطوة مهمة واجب حصولها، خاصة وأنه على الجانب الآخر سيكون هناك تحرك مماثل للتعامل مع التجاوزات من قبل اللجنة الوزارية التي يترأسها سمو ولي العهد حفظه الله.نذكر النواب بهذه الأمور لسبب بسيط جداً، يتمثل بكونهم ممثلين للشعب، وأن عليهم تغليب مصلحة الشعب والدفاع عن مطالبه، وتداخل مثل هذه الملفات الهامة في وقت واحد هو محك حقيقي بإمكانه بيان حقيقة من وصل المجلس ليخدم وطنه والمواطنين أو من وصل لهدف الوصول فقط.سنأمل خيراً من النواب وسننتظر، عل الأمل يحمل هذه المرة أداء أكثر مسؤولية وأكثر حرصاً على الوطن، وأكثر سعياً نحو تحقيق الأفضل، لكن بتعاط مسؤول عقلاني يبتعد عن الاستعراضات والمستحيلات ومخالفة الواقع.المصلحة واحدة تتمثل بصالح البحرين وأهلها، لكن أسلوب الوصول يختلف، وأنجع أسلوب هو الذي يضع المصلحة العامة فوق أي مصلحة، والذي يستخدم العقل والذكاء وحسن التصرف محل التلقائية والانفعال والمزايدة.نتمنى التوفيق للجميع، بما يجعلهم بعدها يوفقون لخدمة الناس.