استكمالاً لما دار في المؤتمر الصحافي بين وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله ورؤساء التحرير وكتاب الرأي، أعرج اليوم على جملة قالها الوزير استوقفتني ودونتها في الورقة أمامي، وحينما تدخلت في الحديث عرجت عليها وقلت إنني أشكر الوزير على إيراد هذه الجملة لأنها بالفعل تختزل بكل بساطة أساس عمل مملكة البحرين.وحينما أقول مملكة البحرين، فإنني أعني ابتداء من رأس الهرم ممثلاً بجلالة الملك والحكومة برئاسة سمو رئيس الوزراء ونائبه الأول سمو ولي العهد حفظهم الله جميعاً كراسمين للسياسة العامة من خطها الأول، والذي يفترض أنه بناء على ذلك ترسم جميع القطاعات في الدولة استراتيجياتها وآليات عملها.قال وزير الداخلية نصاً: نحن لا نعمل من ضغينة أو كراهية.هذه الجملة لوحدها تكفي للتفصيل فيها بما يشخص واقع البحرين اليوم. بلادنا تأثرت وانشرخ صفها الوطني لأن لدينا من يعمل ومحركاته الضغينة والكراهية، لدينا فئات تعمل على زرع هذه الأمراض في نفوس حتى الأطفال، تغذيهم وتشحنهم كل يوم، تحسسهم أنهم يعيشون في جحيم، في حين من يرى البحرين الحقيقية ببساطة أهلها وأسلوب حياتهم يدرك تماماً أننا في نعمة وأننا في حال أفضل بكثير عن غيرنا، وعلى مشاكلنا وعلى همومنا ومؤرقاتنا ومطالبنا فإن لدينا من الأمور ما تجعلنا نحمد الله على نعمته.هناك من يتهم الدولة أنها تعمل بهذا الأسلوب، وهو يعلم في قرارة نفسه أنه يكذب ويتجنى، إذ ليست البحرين هي إيران التي تعامل شعبها وفق المذهب وتسجن من تريد وتعذب من تريد وتقتل من تريد، وليست البحرين سوريا التي سفك جزارها السفاح دماء الأبرياء، وليست البحرين من تفرق بين الناس بحسب اللون وحتى الديانة. هم يكذبون لأن زرع المظلومية هو هدف لتجيير الناس ولغسل أدمغتهم ولتحويلهم إلى أتباع يؤمرون فيطيعون.البحرين دولة يسجل لها التاريخ أنها لم تتعامل حتى مع من ينقلب عليها ويحرقها بدافع الضغينة والكراهية، هناك كثيرون أعادوا حساباتهم ورجعوا لأحضان وطنهم الأم ليعملوا من أجلها لا ضدها، فاستقبلتهم بلادهم بكل محبة وتسامح. ملكنا العزيز بنفسه ضرب أروع الأمثلة في الصبر والحلم والتسامح والعفو، عفا أكثر من مرة، تسامح حتى في حقه الشخصي وهذه رفعة منه وسمو أخلاق. بإمكان المواطن أن يعيش آمناً في بلاده طالما هو محافظ على واجباته ويطالب بحقوقه بكل ما يتاح له من أمور يكفلها الدستور. حتى في التقاضي هناك درجات متعددة كلها وضعت لتكفل فرص الرحمة للناس وفتح أبواب عديدة لهم للعودة حتى لا يضيعوا مستقبلهم وحياتهم.البحرين كانت وستظل بلد خير ومحبة وسلام، بلداً يحتضن جميع أبنائه حتى من عق منهم وشذ، ليست بلادنا تلك التي تتجنى على الناس وهم لم يفعلوا شيئاً، وليست هي التي توقع أقسى العقوبات على الناس رغبة بأن تمنحهم فرصاً لمراجعة أنفسهم. بلادنا تميزت بطيبة أهلها وتسامحهم وهو ديدن قيادتها ورموزها السياسية، وهو نهج وخط ندرك أن البحرين وحكامها لن يحيدوا عنه، فهذا الشعب -وإن كانت من فئة سيئة تحاول استغلاله- يظل شعباً طيباً في قلبه بياض يطغى على بقع السواد.مشكلة البحرين تكمن في طيبتها، وأن هناك من يستغل هذه الطيبة، فيعمل بكل أنواع الضغينة والكراهية ليحرق هذه الأرض الطيبة بقيادتها وشعبها، لكن هيهات.
Opinion
العمل بدوافع الضغينة والكراهية!
12 يناير 2015