قام وزير الداخلية الأسبوع الفائت مشكوراً بلقاء رؤساء التحرير وكتاب الأعمدة، ولعل ما حملته تصريحاته للإعلاميين كانت خطوة مسبوقة له في إطلاع الرأي العام البحريني على حقائق الأمور.منهج المكاشفة الذي قدمه وزير الداخلية حمل في بعض مقتطفاته كلمات شديدة اللهجة تعكس مدى جدية الوزارة وعزمها على إحكام القبضة الأمنية، وأن الأزمات والمنعطفات الأمنية التي مرت بها مملكة البحرين جعلتها أقوى وأكثر قدرة على معالجة الأمور وقيادتها، الإحصائيات والأرقام التي استعرضها وزير الداخلية تعد جواباً مختصراً وشاهداً على قوة الأجهزة الأمنية البحرينية. إن منهج المكاشفة يعتبر أحد مطالب المواطنين، كما إن الرأي العام البحريني بالمجمل قد مرت عليه فترات غدا وكأنه أضاع بوصلة الحقيقة ولم يعد يفهم إلى أين تتجه الأمور، و»ما القصة» أمام تسلط جماعات الوفاق ومن معهم في نشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة مقابل صمت الدولة عنها وعدم الخروج بتصريحات توضح أسباب الإجراءات التي تتم. رسالة وزير الداخلية عندما قال «من يرى ولاءه لإيران من الأفضل أن يغادر البحرين، لأن البحرين للبحرينيين»؛ كانت العنوان المختصر لقناعات الرأي العام البحريني، قناعة شعبية ترى أنه لا يمكن أن يظل بينهم من يعيش على هذه الأرض الطيبة ويأكل من «خيرها» ثم يتنكر لكل ما حصل عليه، قناعة شعبية ترفض مطالعة مشاهد «ترفع الضغط وتغيظ» تشبه الشخص العطشان الذي يأتي ليشرب من بئر ما ثم يحاول أن يبصق بداخله، قناعة شعبية طالبت مراراً بإيجاد قوانين وتشريعات صارمة تلزم منح مختلف خدمات الدولة من إسكانية وصحية وتعليمية لمن لا يرتبط بأجندة خارجية، ولمن لا يوالي دولاً تتدخل في سيادة البحرين، قناعة كانت ترى أن الجواز البحريني يهان عندما يحمله من لا يستحقونه ويعتبرونه كبطاقة عبور تفتح لهم العديد من الأبواب التي يسيئون من خلالها إلى البحرين وأهلها.الشعب البحريني وصل إلى مرحلة الغليان أمام تعنت هذه الجماعات وتماديها في التنكر لمملكة البحرين وإنجازاتها، وفي تشويه سمعتها أمام المحافل الدولية، لا يمكن أن تجسد البحرين دائماً المثل الشعبي الذي يقول «محمول ويرفس»، فمن يحاول أن «يرفس» لا يجب أن يحظى بمكرمات ومزايا لا يتحصل عليها مواطنون في دول أخرى، خاصة تلك الدول التي يوالون أجندتها، تلك الدول التي لو فتح أحدهم فمه لما أغلق إلا وهو يتدلى من على حبال المشنقة.إن قضية مملكة البحرين واضحة وضوح الشمس ومعروفة أبعادها، كما إن لعبة الأجندة الخارجية مكشوفة وواضحة ولا يمكن لأي إنسان عاقل اليوم أن يرفض القناعة التي تحاول الأطراف الأخرى إنكارها بعبارة «الدولة تحارب هؤلاء وتضع عذر محاربتهم إيران دائماً»، فلو كان ما يقوم به هؤلاء ليس له علاقة بأي أجندة خارجية لما نجد تصريحات حسن نصر الله وأمثاله؟ لما نجده مهتماً بالشأن البحريني فقط لا ما يحصل لإخوته في الإسلام في بورما وسوريا والعراق وإيران؟ لما عند توقيف علي سلمان حدث «عافور في إيران» وقامت القيامة وهي ما «يخصها» طالما هذا الشخص بحريني لا إيراني الجنسية؟ لما نرى دائماً مواقف من حزب الله وإيران تدعم ما تقوم به الخلايا الإرهابية بالبحرين من تخريب؟ إن منهجية وزير الداخلية في الخروج بتصريحات لوسائل الإعلام جسدت نظرية «برزنا الدواء قبل الفلعة»، بمعنى لم تعد الصورة غير مكتملة، لم تتغيب الجهات المسؤولة بمملكة البحرين عن كشف الحقيقة، صحيح أن وزير شؤون الإعلام خرج بتصريحات قبلها، لكن حينما يتكلم أهل الاختصاص بمعنى يتكلم الرجل الذي يعد المسؤول الأول عن الوضع الأمني والواجهة الأمنية لمملكة البحرين أمام العالم فهي خطوة قطعت أشواطاً عديدة واختصرت أخرى في إيصال الإجابة للمهتمين على المستوى الإقليمي والدولي قبل طرح السؤال وقبل تحوير القضية وقبل تقديم المزيد من التلفيقات والأكاذيب وتحميل الموضوع على محامل طائفية وحقوقية وسياسية. البحرين دولة قوية ومستقرة أمنياً، هذه هي الحقيقة ومن يرفضها ويحاول تغييرها فعليه أن يعيد حساباته اليوم، فوضع الأمس يختلف عن اليوم، كما سيختلف أيضاً خلال الفترة القادمة.البحرين خلال الفترة القادمة يجب أن تكون للبحرينيين لا لأشباه البحرينيين، البحرينيون الذين يرفضون أي أجندة ومخططات خارجية، الذين ينبذون الإرهاب والتخريب، الذين يؤيدون كل الخطوات الأمنية التي تقوم بها وزارة الداخلية في سبيل حفظ أمنهم واستقرارهم، الذين يرفضون سلمية المولوتوف والقنابل وحرق الإطارات، الذين يقدرون تضحيات رجال الأمن ويترحمون على شهدائهم، الذين يؤمنون أن البحرين دولة خليجية عربية مستقلة، الذين يرفضون تزوير التاريخ، الذين يؤيدون نظامها وقيادتها ويحترمون رموزهم الوطنية، الذين يرفضون ويستنكرون أن يتكلم عن شؤونها الداخلية أطراف مسؤولة بدول من الأفضل لها أن تنشغل بمتابعة أوضاعها بدلاً عن البحرين؛ باختصار البحرينيون مع كل ما قاله وزير الداخلية وما لم يتسع المجال لقوله.- إحساس عابر.. - دولة الإمارات الشقيقة قدمت نموذجاً فريداً في اتخاذ إجراء حازم وقوي عوضاً عن الاكتفاء بتصريحات إنشائية تستنكر التطاول على مملكة البحرين، الإمارات قدمت بقيادتها وشعبها الشقيق دروساً في الأخوة والنخوة الخليجية، فهي ترى أن سيادة البحرين جزء من سيادتها، الإمارات تعد قدوة حسنة لبقية دول الخليج في تعزيز منهج الاتحاد الخليجي، البحرين وشؤونها كانت محل اهتمام الشيخ زايد رحمه الله ودائماً ما كان يذكرها في توصياته، واليوم أبناؤه يكملون من بعده هذا النهج.. فشكراً لدولة الإمارات. - توفى في الأسبوع الماضي أحد الأركان الأمنية الهامة على مستوى مملكة البحرين والخليج ككل المغفور له بإذنه اللواء الركن أحمد عبدالكريم بوعلاي الذي يعتبر أحد أعمدة فريج البنعلي بالمحرق، ومن الشخصيات المحبوبة والمؤثرة في منطقة المحرق والبحرين، وهو من المؤسسين لقوة دفاع البحرين. هذا الرجل له بصمات عطاء وخير وأياد بيضاء عديدة في كل مكان، لعل أبرزها توظيفه للعديد من أبناء المحرق، حيث يعتبر الأب الحنون لكل أهالي فريجه والمحرق، كما يشهد الكثير له بمواقفه؛ حيث معروف عنه مساعدته للجميع، ولعل أبرز شاهد على خدماته ما قدمه لنادي البسيتين حين قام بنقلة نوعية في جعله أبرز الأندية على مستوى مملكة البحرين، وتحويل المنطقة القريبة منه إلى منطقه استثمارية، هذا الرجل الفاضل رحمه الله من الشخصيات التي لن ينساها المجتمع البحريني ولن ينسى عطاءها، ونتمنى لو تبادر إحدى الجهات بالدولة لإطلاق اسمه على أحد الشوارع بالمحرق وذلك أقل القليل بحق هذا الرجل الكريم.
Opinion
ما لم يقله وزير الداخلية!
16 يناير 2015