ليست مجلة «تشارلي إيبدو» الفرنسية هي وحدها من أساءت للإسلام ولرسوله الكريم، فاليوم كل الأمم أصبحت تتسابق في تقديم الكثير من الإساءة والوقاحة لرسول الإسلام، وليس آخرها أمته التي ما فتئت تمارس من الموبقات الأخلاقية والقيمية ما يشوه صورة الإسلام الناصعة عبر العصور والأزمان.فباسم الرسول الكريم وباسم الإسلام العظيم يمارس المسلمون اليوم شتى أنواع الفجائع من الممارسات المنحرفة عن خط ونهج القرآن المجيد، فالتخلف والجهل والعصبيات والعنف والإرهاب وغيرها من السلوكيات الشاذة عن خط الإسلام، جعلت من المسلمين مجرد أناس لا يمكن أن يكونوا جنباً إلى جنب مع الأمم المتحضرة، لأنهم فشلوا في تقديم النموذج الأمثل للعالم، وذلك عبر مجموعة من المفاهيم المتناقضة ومن خلال ممارساتهم المشبوهة لبعض القيم السلبية، حتى أعطوا الصورة غير الحقيقية للإسلام ولرسوله.أكدت «فرانس 24» أن زينب الغزوي الصحافية في مجلة تشارلي إيبدو تساءلت: «لماذا يطلب المسلمون أن تحترم المجلة التي تعلن أنها مجلة ملحدة الالتزام بتعاليم الإسلام؟ وأكدت أن المجلة تسخر من الأفراد والجماعات ومن السياسيين ومن جميع الأديان». بغض النظر عن الإشكاليات الواردة حول هذا التصريح وحول سلوكيات هذه المجلة الفرنسية في تعاطيها مع الأديان، وعلى وجه الخصوص ديننا الإسلامي الحنيف، إلا أنها كانت واضحة في تبيان حقيقة نهجها ومنهجها في التعبير.لكن السؤال الذي يمكن أن يكون مغايراً وبصورة أخرى؛ كيف للمسلمين أن يمارسوا ذات الدور الذي تمارسه هذه المجلة المغمورة في زوايا «تشارلي» لكن بطريقة أكثر بشاعة ووحشية، وذلك من خلال تصوير الرسول الكريم وأصحابه على أنهم مجموعة من القتلة، وهذا ما قد تفهمه بقية الأمم من خلال سلوكياتنا المتوحشة في تعاطينا مع الآخر المختلف وانتهاجنا لمناهج الغلو المؤدية إلى مسالك العنف والبطش.قد يقول قائل؛ لماذا نلوم المسلمين وحدهم دون سواهم حين أرادوا الانتقام لنبيهم وأيضاً لغير نبيهم من الكفار والصليبيين والغربيين ولا نلوم هؤلاء على إساءتهم لنا؟ ونحن نجيب هنا وبكل بساطة؛ حين نمارس ما يمارسه هؤلاء من سلوكيات وأخلاقيات شاذة عن نهج ديننا القويم، فحينها ما عسى أن يكون الفرق بين المسلم وغيره؟ ولو عرضنا سلوكنا المشبع بالثارات والعصبيات والانتقام بطريقة علمية وأخلاقية على مسطرة القرآن وسيرة الرسول الأعظم؛ فهل سيستقيم الاعوجاج من سلوكنا مع مفاهيم عظيمة كالتسامح والعفو وغيرها من أخلاقيات الرسالات السماوية؟ ولعل هنالك من القصص والمواقف الرسالية لنبي الإسلام ما قد تعطينا من الدروس والعبر ما فيه الكفاية في التعامل مع المسيء وحتى العدو.نحن اليوم نفتقر إلى تقديم نماذج راقية من أمتنا في صورة قدوات للغرب ولغيره من أمم الأرض، بل كل ما استطعنا تقديمه اليوم من نماذج لشخصيات تمثل فكرنا وأخلاقنا في مجتمعاتهم، هي لمجموعة من شذاذ الآفاق من الجهلة والقساة فقط.إذا استطعنا أن نقدم الصورة المثلى لبقية العالم عبر سلوكياتنا العفيفة والنزيهة من كل غرائز الشيطان ودمويته، فحينها سنراهن أن مجلة كسيحة «كتشارلي إيبدو» لن تستطيع أن تلمز ولو من بعيد في قدرات أمة شامخة وعزيزة، فكيف لها أن تنال من رسولها خير خلق الله؟ ولو فعلت ذلك؛ فإنها لن تستطيع أن تتمدد سوى في أزقة مدينتها الضيقة، ولربما ستحرق على أيدي قرائها دون الحاجة إلى أن نقوم باغتيالات معنوية وتصفيات جسدية، بكل تأكيد ستعطيها أكبر مساحات إعلامية للتمدد عبر كل الكرة الأرضية، وهذا ما حدث بالفعل.. فهل وضحت الصورة؟