تفصلنا عن نهاية العام نحو 11 شهراً تقريباً، لن تكون هذه الشهور التي يفترض أن تمر سريعاً بدون أحداث دراماتيكية، فنحن فعلاً أمام عام غير تقليدي يحمل في طياته مجموعة من المسارات التي يمكن أن نتحدث عنها بعد قليل، وسبب ذلك تصاعد نزعات التطرف في الشرق الأوسط، والتحول التاريخي الكبير الذي تشهده سوق النفط الدولية.المسار الأول: مسار العلاقات الإيرانية ـ الغربية: يشهد هذا المسار تطوراً سرياً في العلاقات والانفتاح المتبادل بين الطرفين، وفي مقدمتهم الطرف الأمريكي الذي أنهى رسمياً قطيعته وباتت معلنة أكثر من أي وقت مضى. ويتوقع لهذا المسار المزيد من التقارب، إلا إذا أقدمت طهران على مغامرة غير محسوبة العواقب.المسار الثاني: مستقبل النظام الثيوقراطي الإيراني: أفضل التقديرات تشير إلى قدرة طهران على الصمود كدولة ومؤسسات لتلبية احتياجات المجتمع الإيراني لمدة 12 شهراً فقط في حالة انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 50 دولاراً، وبما أن الانخفاض كان في نهاية الربع الأخير من العام 2014، فإننا نتوقع أن نرى نتائج انخفاض أسعار النفط على الحكومة الإيرانية اعتباراً من سبتمبر المقبل. فالنظام الإيراني سيواجه تحديات كبرى لم يواجهها من قبل، وهي تحديات أقسى من تحديات الحرب العراقية الإيرانية التي كانت في جبهة واحدة، ولكنها الآن في 5 جبهات متباعدة جغرافياً عن الإقليم الإيراني. وليس ممكنا أن يتم إحداث التوازن بين التحديات الاقتصادية الداخلية من جهة، وتحدي دعم الجماعات الراديكالية التي أنشأتها طهران في الشرق الأوسط.المسار الثالث: مسار صراعات الشرق الأوسط: هناك سيناريوهات جديدة متاحة على خارطة الشرق الأوسط تشير إلى أن الصراع لن يتوقف، ولكن أطراف الصراع هي التي ستتبدل، ويمكن أن يتراجع نفوذ بعض الجماعات ويزداد نفوذ جماعات أخرى. ولكن التطرف سيبقى سمة مسيطرة على تفاعلات السياسة في المنطقة.المسار الرابع: العلاقات الخليجية ـ الإيرانية: هو المسار الذي يمكن أن يشهد مفاجآت غير متوقعة منذ زمن، وهذه المفاجآت ستكون بين احتمالين، الأول تقارب تاريخي قد يدوم لسنوات إلى حين تحسن أسعار النفط مستقبلاً، أو تغيّر طبيعة الصراع ليصل إلى مرحلة القطيعة التاريخية من جديد مع خيارات مفتوحة في التعامل بين الطرفين.هذه أربع مسارات رئيسة قد تشهد تطورات هامة خلال 11 شهراً من الآن، والخيارات في السياسة دائماً ممكنة، ولكن التعامل معها بسرعة ومرونة وفقاً للمعطيات والمصالح هو الفاصل.