ترى لماذا التحفظ والغموض اللذان طبعا قرار مجلس الوزراء «بتوحيد سعر بيع الغاز الطبيعي على الشركات التي تنفذ مشاريع صناعية وذلك برفع سعر بيعه بشكل تدريجي اعتباراً من أول أبريل القادم، والقرار الآخر الذي يقضي بتعديل سعر بيع الغاز الطبيعي المستخدم لتوليد الطاقة في قطاع المشاريع الصناعية، مع التأكيد على أن الأسعار المعدلة لبيع الغاز الطبيعي المستخدم لتوليد الطاقة في قطاع المشاريع الصناعية لن تمس المواطنين..».لماذا لم يكن المجلس واضحاً في الإعلان عن قراره مثلما فعل الرئيس التنفيذي لشركة بابكو بيتر بار تليت الذي وضع النقاط على الحروف عندما قال «من المرجح أن يكون رفع أسعار الغاز التجارية بداية لتوجه طويل لخفض الدعم» وأنه يعتقد أنها «بداية لسلسلة من الزيادات في السنوات المقبلة، في إطار إقرار بأن علينا مراجعة تكلفة مدخلات الإنتاج».فهناك الكثير من الدول المنتجة للنفط والمستهلكة له اتخذت قرارات أما بإلغاء الدعم عن أسعار الغاز والمشتقات النفطية أو بزيادتها بالتدريج، وبينها دول مجلس التعاون التي أعلنت عن ذلك منذ اليوم الأول لانهيار أسعار النفط بعد قرار أوبك الأخير، إلا البحرين التي بقيت صامتة أو بالأحرى حائرة على الرغم من حاجتها أكثر من غيرها إلى إلغاء الدعم أو تعديل الأسعار بالنظر إلى خسارتها حوالي 60% من إيراداتها النفطية حتى الآن.«فالوقت اليوم مثالياً – حسب بارتليت- للحكومات لانتهاز انخفاض أسعار النفط وإقرار بعض من تلك التعديلات على الأسعار» وهو أكثر من مثالي بالنسبة للبحرين التي ستتمكن من توفير 600 مليون دينار سنوياً من مساواتها لأسعار الغاز محلياً بمثيلاتها عالمياً وبالتالي تحريرها وترك السوق يتحكم في ارتفاعها وانخفاضها كما يتحكم بأسعار النفط والمشتقات النفطية والبتروكيماويات التي تأثرت كلها انخفاضاً وبنفس النسبة تقريباً التي انخفضت بها أسعار النفط الخام.إلا أن لهجة التحفظ والغموض والطمأنة التي تستخدمها الحكومة عندما تتعامل مع تحرير الأسعار ورفع الدعم عن الوقود تعود إلى أنها – أي الحكومة- لا تملك حتى الآن مشروعاً متكاملاً واضح المعالم تعلنه وتدافع عنه، مشروع مماثل لما طبق في الدول الأخرى يستبدل الدعم العيني بالتعويض النقدي، أي تطبيق مبدأ «إعطاء الدعم لمستحقيه» وجعل الجميع يتساوون في شراء الوقود بأنواعه بأسعار السوق، فهل نعتبر تعديلات أسعار الغاز الغامضة أول الغيث وبعده ينهار الدعم؟
Opinion
أول الغيث غاز
19 يناير 2015