في كل دول العالم، حتى فى أكبر الدول الديمقراطية والرفاهية، لا شيء يدفع الدولة إلى استخدام عصا القانون، التي تضرب وتؤدب وتحاسب وتعاقب، إلا الإرهاب وشيوع مناخ الخوف في المجتمع بتفشي الجريمة والعنف المسلح، ففي بيئة من هذا النوع يقل الطلب الشعبي على الديمقراطية والحريات عموماً، ويتقدم مطلب الأمن على مائدة الحقوق، ويصبح أمراً ملحاً مهما كانت حجم التكلفة أو التضحيات.أظنني لست في حاجة لأسوق أمثله، فالأمثلة كثيرة، فقط انظر حواليك، ويكفى أن أشير إلى ما جرى مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية الموصوف نظامها الحاكم بأنه من الديمقراطيات العريقة.اليوم أعود بعد أن عادت دولة القانون التي وحشتني كثيراً فأشير من جديد إلى حقيقة يجهلها أو يتجاهلها بعض المغفلين، وهو رفضهم الاعتراف بالواقع الجديد الذي فرضته التطورات السياسية في المنطقة، وكروت اللعبة السياسية التي أصبح المتحكم فيه قوة إقليمية خليجية عربية وليست فارسية، فإن لم تستطع تغيير الواقع؛ فالعقل والمنطق الواجب يوجب الاعتراف به، ومن يعاند فهو أكبر مغفل.هل يستطيع المرء أن يكون مغفلاً تاريخياً عابراً للعصور؟ يبقى السؤال منطقياً جداً لمن يرفض أن يقرأ الواقع أو يعترف بأن الوضع برمته قد تغير واختلف تماماً عن 2011، وأن كل رهانات المغفلين الذين كانوا يرمون أوراقهم على مائدة الروليت السياسية ويراهنون على سقوط النظام في البحرين، أسوة بما حدث في دول أخرى، خسرت وفشلت، ومن يرفض تصديق هذا الواقع فهو إما عميل أو خائن أو غبي!فاختار ما يناسبك من الثلاثة، ولكن صدقني أن تكون غبياً خير ألف مرة من أن تكون خائناً؛ فالخيانة عار أما الغباء فمرض.قصارى القول أن ما تسمعونه من تصريحات أو تهديدات تخرج من أفواه هؤلاء الجبناء الذين سعوا إلى نشل الوطن في ليلة ظلماء، ويستعملون شعارات مظلة للإرهاب والتخريب وينافسون أنفسهم يومياً، وربما كل ساعة في الكذب، هي في الواقع إرهاصات عقيمة وتداعيات نفوس لم تلد يوماً من الأيام أفعالاً، فأرخص من لسان الجبان «مفيش» وأسهل من تهديداته «متلاقيش»، وأراهنكم بأنهم لن يفعلوا أكثر مما فعلوه طوال السنوات الأربع.لا أقول هذا تشفياً في جمعية الوفاق التي كانت تنكر فشلها وتمعن فى الغي والبغي، وطوال السنين الماضية لم تبد أي ملامح أسف ولم تسع إلى تصحيح أخطائها أو تندم على خطاياها أو تعالج مرضها، أو نكاية في قياداتها، والتي من فرط غبائها كانت تهلل وتصفق لتصريحات سفاح سوريا الأول حسن نصر الات، صنيع الصفويين، بحكم أنه ملهمها وسيدها، بل أكتب وأقول كي نعرف العلة والمعلول ونكشف ونتكشف حقيقة الوفاق، والتي لم تكن في يوم من الأيام (شيء) نفخنا ونفخنا فيها وهي (ولا شيء) وتركناها تكبر وتستحوذ وتستغل البسطاء من إخواننا الشيعة، وتتقرب منهم وتكسب ودهم وعطفهم وأموالهم، فيما كانت الدولة غريبة عنهم لا تتفهم همومهم ولا تحفل لمشاكلهم ولا تستمع لأنينهم!!ويا ساتر يارب.. رغم أن هذه الجمعية الآن أقرب إلى الموت أو الإنزواء؛ إلا أن قياداتها تأبى أن تندفن وتغادر دنيانا إلى الأبد قبل أن تضيف إلى سجلها المتضخم بالخيانة المزيد من الخيانة والعمالة، بل وتجاهر علناً بكراهية الوطن!!لا بأس، دعهم في غيهم، فستظل الحماقة دائماً تعيي من يداويها، وغداً سيدركون الحكمة التى تقول «ما يصح إلا الصحيح»!
وحشتني دولة القانون
Opinion
وحشتني دولة القانون
19 يناير 2015