للوهلة الأولى وما أن وطئت قدمنا المكان ظننا أنه أحد الأماكن الموجودة في الدول الآسيوية الفقيرة، بدءاً بمنظر من افترش ملابس للبيع على إحدى السيارات القديمة الصغيرة إلى آخر افترش الفواكه والخضروات، بينما أخذ أحدهم يقلي «الحب: بذور عباد الحب» و»الفول السوداني» على أحد جوانب الشارع بالقرب من مدخل منازل أحد المواطنين، وكان منظر الدخان وكأنه «بخور يبخر الشارع» لمن يمر به، فيما بعض المنازل كانت تنبعث منها روائح المأكولات الآسيوية و»حمسة البصل» و»خذ الريحة عاد» والمكان بالعموم مكتظ بالجاليات الآسيوية التي كانت «تتمشى» وتشتري من هؤلاء الباعة المتواجدين بالطبع دون ترخيص وبدا واضحاً كيف تعاني المنطقة التي تحوي منازل بعض المواطنين المتمسكين بالعيش في «فرجانهم القديمة» من الوسائخ والقاذورات.عندما استفسرنا من إحدى القاطنات ذكرت أنها وأهل المنطقة سبق وتقدموا بشكاوى متتالية إلى بلدية المنامة دون جدوى، فالمفتشون من البلدية والذين يحضرون في سيارة البلدية ما أن يقتربوا من المكان حتى يستعلم هؤلاء الباعة عنهم فيتركون بضاعتهم ويفرون هاربين دون التمكن من اللحاق بأحدهم، خاصة وأن المنطقة بها من الأزقة والأحياء ما تمكنهم من الاختباء جيداً، باختصار أصبح سيناريو التفتيش معروفاً، وأنه سيفضي في النهاية إلى لا شيء، فسيارة البلدية معروفة والمفترض أن يأتوا بسيارة مدنية.الغريب أن هذه المشاهد التي تتم في هذه المنطقة، أرض الشيخ مصطفى مجمع 321، هي منطقة حيوية تقع داخل سوق المنامة، وتعتبر جزءاً من الواجهة السياحية والثقافية لمملكة البحرين، بمعنى أن هذه المشاهد تتم على مرأى من الزوار والسياح وأي شخص يمر بها!معظم الدول المجاورة لنا وهي تشرع في فتح أبواب التطوير والنهضة بالبنى التحتية وتطويرها اهتمت ببنيتها الثقافية والحفاظ على هويتها، فحتى المناطق التي تقطنها الجاليات الآسيوية وما شابه لم ترفع يدها عنها، بل اهتمت بإيجاد ضوابط صارمة تمنع مثل هذه المناظر التي أسلفنا ذكرها، والتي طمست هوية ديننا الذي يدعو إلى النظافة.صمود المواطنين من أهل البحرين عن الخروج والانتقال من هذه المنطقة التي تشكل جزءاً من عاصمة البحرين، والتي تربطهم بها حميمية وماض جميل، وتربوا فيها مع آبائهم وأجدادهم تؤكد أهمية الحفاظ على معالم هذه المنطقة والحرص على تطويرها وليس تركها لهذه الجاليات التي قد تمنح فكرة سلبية لأي زائر قد يمر بالبحرين عدة أيام وينزل في أحد فنادقها القريبة من منطقة سوق المنامة، فتترسخ لديه فكرة أن جميع مناطق البحرين «بهذه الوساخة!». - مدرسة زبيدة نموذج لمكامن الخلل الإداريما تزال مشكلة المائة موقف للسيارات لمدرسة زبيدة الابتدائية للبنات بالمحرق، التي أمر بها سمو رئيس الوزراء ولم يتم منحها للمدرسة معلقة، الغريب أن سيناريو هذا التعليق والتعطيل يكشف مدى الخلل الإداري الذي تعاني منه الوزارات، خاصة الخدماتية، عند الشروع في تنفيذ الأمور والتي لا تتماشى بالطبع مع توجيهات سمو رئيس الوزراء -حفظه الله- فرغم صدور موافقة إدارة التعليم الابتدائي للإسراع في فتح المواقف الجاهزة إلا أن سوء التنسيق وتقاذف المسؤوليات وعدم متابعة كل جهه مختصة هما واجهة المشكلة !أيعقل رغم توجيهات جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء -حفظهما الله- الدائمة للوزراء والمسؤولين بالحرص على المتابعة والنزول الميداني أن تسبب مشاكل بسيطة و«في دقيقة» من الممكن حلها بكل هذا التعطيل والتعقيد؟ إدارة المدرسة وجدت نفسها مضطرة لمتابعة تنفيذ فتح المواقف والتقدم برسالة إلى إدارة الخدمات بوزارة التربية والتعليم التي قامت بتحويلها إلى وزارة الأشغال، ونظراً لعدم وجود متابعات وجدية ظل الأمر مركوناً رغم جملة المشاكل التي سببها هذا التأخير، فرغم أن عدد المنتسبات للمدرسة يبلغ 100 موظفة ومعلمة إلا أن المواقف المتاحة حالياً 20 موقفاً فقط، مما يعني أن 80 من الموظفات يظللن في الشارع يبحثن عن مواقف رغم وجود مواقف بالخلف جاهزة لهم لكنها مغلقة عنهم.الغريب أكثر سيناريو المشاكل اليومي الحاصل دون عقد النية على إنهائه، حيث قام أحد الجيران بالدخول إلى المدرسة والتهجم على معلمة أوقفت سيارتها عند منزله، كما قام بوضع سيارته على مدخل المدرسة لسده، وقد أعلن في ذلك اليوم أنه لن يخرج أحد من المدرسة، هذا عدا شكاوى الجيران اليومية، حيث أصبح بعضهم يأخذ حقه بيده ويثقب إطارات سيارات المدرسات إضافة للكم الكبير من المخالفات المرورية الذي يحصل عليها أي زائر للمدرسة أو ولي أمر، آخرها 24 مخالفة مرورية حصل عليها أولياء الأمور في يوم واحد نظراً لحضورهم اجتماعاً تربوياً، وقد اضطرت مديرة المدرسة إلى التواصل مع إدارة شرطة المحرق حتى لا يتم منح المدرسات مخالفات مرورية عند التوقف الخاطىء.أما الملفت فتعطيل ورقة الموافقة لأن المهندسة المسؤولة بوزارة الأشغال في إجازة لمدة شهرين، فتم إلغاؤها بعد لعبة المتابعة ما بين إدارة الخدمات بالتربية التي تؤكد إرسالها وما بين تنكر الأشغال التي تنفي وصول الرسالة لها، هذه القصة واحدة من بين الكثير من القصص التي تعكس أين مكامن الخلل، ونتمنى ألا تشكل لجنة لدراسة الوضع فتشكل لجنة أخرى لدراسة ما خرجت به اللجنة الأولى!السؤال الذي نطرحه؛ هل إدارة المدرسة بطاقمها مسؤولة عن متابعة مثل هذه الأمور التي بالأصل تعد مسؤولية إدارة الخدمات بوزارة التربية والتعليم؟ هل إدارة المدارس لدينا معنية بمتابعة أين تصل أوراقهم مع الجهات الخدماتية الأخرى بالدولة، بحيث تترك إدارة شؤون المدرسة لتتفرغ لمسألة مواقف السيارات على سبيل المثال؟ لا نعلم ما رد المسؤولين في وزارة التربية والتعليم وسعادة الوزير الفاضل على هذا الإرباك التعليمي الذي يتم والذي يؤثر على تعليم الطالبات حينما تأتيهم المعلمة التي تضطر لإيقاف سيارتها في منطقة بعيدة وتظل تمشي لمسافة طويلة في الحر والبرد متعبة ومرهقة، رغم أن الحل بسيط ولكن من الواضح أن عدم متابعة الأمور وعدم دراسة أوضاع المدارس بدقة وتفاصيل العملية التعليمية وما يرتبط بها هو ما تسبب بزوبعة المشاكل هذه.
Opinion
مساحة حكومية (3) مشاهد غير حضارية في قلب المنامة!
20 يناير 2015