حينما ترثي رجلاً تعجز النساء عن ولادة مثله، تحتار لديك الكلمات، فمن أين تبدأ، وكيف تبدأ؟!الملك .. الرجل .. فارس العروبة والإسلام .. خادم الحرمين الشريفين .. الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود .. أعجزت الرجال من بعدك، فأعاننا الله على فراقك.لله ما أخذ وله ما أعطى، الملايين تترحم على رجل أفعاله تسبق أقواله، رجل هابته دول، ورجل يعرف الجميع قدره ويدرك «العاقل» قوته، وحنكته وحكمته، أفلا تريدوننا أن نبكي ونعزي أنفسنا برجل اهتزت لوفاته قلوب وصلابة رجال العرب والمسلمين؟لسنا نعزي شعب الملك عبدالله وأهله، بل نعزي أنفسنا بفقدانه، نعزي أمة عربية وإسلامية برحيل قائد اخترناه إجماعاً بأنه قلب العرب ونبضهم، هو الذي نتلاقى عنده، بتبايناتنا واختلافاتنا، فما رأينا منه إلا توحيد الكلمة والصف، ما رأينا منه إلا قوة الرجال وحكمة الكبار وهيبة القائد المغوار.بكى العرب والمسلمون شقيقه الأكبر الملك فيصل رحمه الله، الرجل الذي جعل الغرب يخضع، جعل الأجنبي يعرف حجمه حينما تطاول على العروبة وحقوق العرب، وهم اليوم يبكون رحيل» فيصل حق» آخر، ملك هو النسخة الأقرب لشقيقه الأكبر، لكن يظل أبناء عبدالعزيز قادة أمم يسيرون على نفس نهج الثبات والقوة والكبرياء والشمم، مناصرهم رابح، ومعاديهم خائب دوماً بإذن الله.نحن والشقيقة السعودية قصة لا يمكن لحاقد على العروبة وكاره لوحدة الخليج أن يفهمها وأن يدرك أبعادها، حبنا للملك عبدالله ولبلاده المحتضنة قبلة المسلمين حب لا يضاهيه حب، بالتالي ألم أهل البحرين المخلصين لفراق هذا الرجل ذو القامة العروبية الشامخة ألم ما بعده ألم.إن كنا سنذكر أفضال الملك عبدالله رحمه الله على هاتين الأمتين من واقع حسن قيادة وحكمة إدارة، فإننا والله سنعجز، لكن نقولها نحن البحرينيين المخلصين لبلادنا وعروبتنا ووحدة خليجنا بأن الدين الذي نحمله في رقابنا لهذا الرجل طيب الذكر وبلاده الشامخة دين لا يمكن أن نوفيه أبداً.أبو متعب رحمه الله لم ينظر للبحرين كنظرته لأي بلد، قالها وبوضوح: «البحرين ابنتي الصغرى»، وقال: «المنامة في الرياض، والرياض في المنامة». وحينما تحدث لنا صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء حفظه الله عن بعض خبايا فترة محاولة الانقلاب، أخبرنا بزيارته للملك عبدالله، فكان أول ما قاله فارس العرب حين لقاه: «لماذا تأخرتم علي وأنا كنت بانتظاركم؟!»، وبعدها رأى العالم ما حصل، وكيف أن الله حفظ البحرين بفضله ثم بفضل خادم الحرمين وبلاده وأشقائه في الخليج.والله لا يمكن لأحد أن ينساك يا أبو متعب، حتى من عاداك بلسانه وإعلامه (لأنه لا يجرؤ على مواجهة الرجال إلا باللسان)، حتى هؤلاء يعرفون قدرك، ويدركون علو شأنك، ويهابونك بل يرتعدون من قائد كلمة منه تحسبها قوى الغرب ألف حساب. وثلة الأقزام تلك، ما هي إلا زمرة تخشى الرجال الذين لا يخشون في الحق لومة لائم، ديدن من يهابون أبناء الملك عبدالعزيز رحمه الله.لا نكابر هنا، بل نقول أن رحيل خادم الحرمين الشريفين أثقل النفس بالهم، أبكى العيون، وكسر النفوس، لكن هذا حال الدنيا، هناك رجال يأتون لها يلهمهم الله ويسخر لهم ويمنحهم من فضله ليكونوا قادة خير ورجال شرف وشهامة وفرسان حق، وهناك من يأتي ولا يترك وراءه إلا الخيبة والعار. كنت نبراس حق وفارس أمة بأسرها، وستظل فقيد أمة تترحم على روحك الطاهرة كلما اختبرت مواقف وصعاباً ليس لها إلا ابن عبدالعزيز.نعزي أنفسنا والأمتين العربية والإسلامية والشعب السعودي الشقيق على رحيل القائد إلى جوار ربه، داعين بأن يكون مثواه جنة النعيم ومنزله مع الأنبياء والصديقين والشهداء، وندعو لخلفه بأن يسدد المولى على طريق الخير خطاه، وأن يكون امتداداً لقادة صنعوا المجد وسطروا أسماءهم خالدة في سجلات التاريخ.رحمك الله يا أبا متعب، وإنا على عهدك باقون وثابتون.
Opinion
أبا متعب خالد في قلوبنا .. نحن أبناء «ابنتك الصغرى البحرين»
24 يناير 2015