لابد وفي هذا الظرف الأليم أن نتقدم للشعب السعودي الكريم وحكامه الكرام بالعزاء والمواساة في فقيد الأمة جلالة الملك عبدالله غفر الله له وأسكنه فسيح جناته، ووفق الله الملك سلمان بن عبدالعزيز وجعله خير خلف لخير سلف، ونفع به الأمة ورزقه بالبطانة الصالحة.لم يرى نفسه إلا خادماً للحرمين الشريفين، فنعم الخادم الذي كفى ووفى وقام على خدمة الحرمين، فحمل أمانة خدمتهما كما حملها من قبله ملوك آل سعود، فنعم الملك عبدالله الذي أجار من استجار به ونعم الملك الذي دامت في عهده المملكة مملكة الخير والعطاء، مملكة يرفع فيها الأذان فتتسارع العباد إلى غلق أبواب المتاجر للصلاة، هذا الشيء الذي لا يحدث إلا في أرض الحرمين، مملكة تطبق حدود الله؛ فلا خمر ولا ميسر ولا دار غناء ولا سينما، ولا نساء كاسيات عاريات ولا متبرجات، ولم تبن على أرضها الطاهرة كنائس ولا معابد، ولم يعبد فيها قبر ولم يبن عليها ضريح ولا مزار، وهكذا ظلت المملكة منذ عهد آل سعود الأول إلى عهد الملك عبدالله أرضاً لم يعبد فيها إلا الله سبحانه وتعالى وإلى أن تقوم الساعة، تحكم بشرع الله وتسير على نهج نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا شرف الله آل سعود بأن تكون أمانة بيته في يدهم، فأي شرف بعد هذا التشريف بأن يكرم الله عبداً ليكون خادماً لبيته وحرم نبيه. في قراءة سريعة للصحف السعودية والخليجية؛ وجدنا كيف تعلقت قلوب الشعب السعودي والخليجي برحيل الملك عبدالله، وكذلك هي المواقع الاجتماعية التي اجتمعت فيها الكلمات وخطت المشاعر ونظمت القصائد في حبه ورثائه وذكر مآثره، وهذه دلالة وبشارة على حب الله لعبده عندما يجعل ألسنة الناس تترحم عليه وتطلب له الغفران وتسأل له الجنان، فترددت أصداء الدعاء في كل المساجد على لسان الأئمة والمصلين جميعاً، كانوا يدعون من قلوبهم بأصوات ملؤها الحزن والأسى والبكاء، لا مجاملة ولا تزلفاً، بل هي محبة صادقة قذفها الله في قلوبهم. إنه الرجل الأقوى شخصية في العالم، الرجل الذي كان يحسب له رؤساء الدول العربية والغربية ألف حساب، إنه الرجل الذي ينفذ ما يقول وهم يعرفونه كذلك، إنه الرجل الذي لن يتردد في اتخاذ أي قرار من أجل مصلحة الأمة، فبمساعيه استطاع لم شمل الدول الخليجية وبمساعيه وقف المد الصليبي الصفوي وتحطمت آماله وأحلامه عندما حاول أن يبدأ أول خطواته من البحرين، فوقف له الملك بن عبدالله ويعلمون أن وقفته تلك الساعة وقفة حرب لا سلم، وكادت الحرب أن تقع لولا التراجع الأمريكي الإيراني، حيث أدركوا أنهم سيواجهون حرباً قاسية لم يواجهوها في حياتهم، لم يواجهوها في أفغانستان ولا في العراق، وعلم أنها ستنتهي أكذوبة قوة إيران التي كان يروج لها حليفه الأمريكي بعد أن تتحطم وتنتهي من غير رجعة عند أول عجلة طائرة عسكرية تطير من المملكة العربية السعودية، وهكذا سحبت أمريكا وإيران «طرابيدهم» وبوارجهم، وذهبوا بمخططهم إلى اليمن وغيره من الدول، لأنهم يدركون تماماً أنه ليس لديهم استعداد لمواجهة القوات السعودية حين يأمر الملك عبدالله بتحركها، فهذه حقيقة الرجل الذي هز العالم بقراراته ومواقفه الحازمة التي لا تراجع فيها، هكذا هي صفات الملوك، وهكذا سيبقى آل سعود، وستبقى المملكة العربية السعودية بإذن الله سالمة غانمة بحفظ الله ورعايته.وها هي سفينة آل سعود تسير إلى بر الأمان، وها هو الشعب السعودي بمواقفه المشرفة يبقى صمام الأمان حين يبايع مليكه الجديد بكل صدق وأمانه، وهكذا يتولى الحكم في مملكة آل سعود ملك شهم يخلفه ملك شهم يوفي بحقوق الله ويرعى حرماته ويطبق شرعه كما جاء في كتابه، فأحسن الله عزاء الأمة الإسلامية في رحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز وغفر له وأدخله فسيح جناته، ووفق الله خلفه الملك سلمان بن عبدالعزيز، وحفظ الله أرض الحرمين من كل شر ومكروه، ودحر الله أعداءها وشتت شملهم وألبسهم لباس الخزي في الدنيا والآخرة.
Opinion
أحسن الله عزاء الأمة في فقيدها
27 يناير 2015