من الأمور التي يمكن تصنيفها في باب «الطرافة» تلك الدعوة التي أطلقتها جمعية الوفاق قبل يومين من بدء محاكمة أمينها العام وأصدرتها في بيان، حثت فيه «جماهيرها» و«محبي أمينها العام» على (الامتناع عن التبضع وكل معاملات التسوق والمعاملات الرسمية والتزود بالوقود والتوقف عن كافة عمليات الشراء بالتزامن مع موعد المحاكمة) الأربعاء الفائت، ما يؤكد أن هذه الجمعية لا تزال دون القدرة على الاستفادة من التجارب السابقة، والتي تأكد فيها فشل الدعوات من هذا القبيل؛ لسبب بسيط هو أن المتضرر منها هو المواطن البسيط الذي لن يقبل أن يكون ضحية مثل هذا النوع من التفكير الساذج، ولن يقبل أهله أن يشاركوا في مثل هذه الجريمة، حيث التسبب في قطع أرزاق الناس والتضييق عليهم؛ لا لشيء إلا ليقال إن الوفاق نجحت في التعبير عن عدم رضاها عن تعريض أمينها العام للمحاكمة يعتبر جريمة كاملة الأركان، كما أن المنطق يرفض التعبير عن رفض أمر ما على حساب حياة وأرزاق الآخرين، فهذا يشبه الكريم من مال غيره.ليس عقلاً أبداً الدعوة إلى التضييق على حياة الناس والتسبب على أرزاقهم لمثل هذا العذر الذي استندت إليه الوفاق، خصوصاً وأنه يوجد الكثير من طرق التعبير عن مثل هذا الأمر. لماذا مثلاً لم تدع الوفاق أعضاءها إلى الصوم في ذلك اليوم؟ لماذا لم تدعهم إلى إغلاق مكاتبهم وشركاتهم الخاصة وإعطاء العاملين فيها من أعضاء الوفاق والمتحمسين لها إجازة مدفوعة الأجر في ذلك اليوم؟ لماذا لم تدعهم إلى إخراج صدقة؛ حيث الصدقة تدفع البلاء؟ الجواب عن هذه الأسئلة معروف، حيث الصوم يؤدي إلى شعورهم بالجوع وقد يتسبب في تعرضهم للصداع وعدم المشاركة في المظاهرات الصغيرة التي يخرجون فيها بغية نشر الفوضى، وحيث تعطيل مصالحهم الخاصة يتسبب في خسارتهم، وحيث إخراج الصدقة يعني التأثير على جيوبهم وتقليل نسبة الدفئ المتوفر فيها.ليس عقلاً ولا منطقاً دعوة الناس إلى تحمل ما لا تقبل الوفاق نفسها تحمله، سواء لهذا السبب الذي تستند إليه أو لأي سبب آخر. للتذكير فقط؛ فقد جربت الوفاق و«المعارضة» إجمالاً الكثير من مثل هذه الأساليب وفشلت، فلا يمكن لممارسة ينتج عنها الأذى للآخرين أن تنجح، ولا يمكن لأمور مثل الامتناع عن التبضع وإطفاء الأنوار أن تؤثر في محاكمة أو في قرار دولة، أو حتى في توفير الشعور بأن المشاركين قد تطهروا فلا يلومون أنفسهم أو يقول أحد عنهم إنهم لم يفعلوا شيئاً ووقفوا مكتوفي الأيدي.هذه هي أساليب الضعيف والمهزوم ومن لم تعد بيده حيلة، وأساليب من يتقصد صناعة الفوضى ولا يهمه إن تعرض المواطنون والمقيمون للأذى، فالأهم عنده هو القول إنه لا يزال على «صمود» ولا يزال قادراً على مواصلة الدرب، ولا يزال رافضاً لمحاكمة من لم يتصور أنه يمكن أن يتعرض للمحاكمة.اعتبار الوفاق التحقيق مع أمينه العام وتوجيه التهم له من قبل النيابة العامة وتحويله للمحاكمة أمراً مخالفا للسنن الكونية مسألة مضحكة، فليس هناك من هو فوق القانون وليس هناك من يستثني، وكون المعني هنا يشغل منصب الأمين العام لهذه الجمعية لا يعني أبداً أنه صار فوق القانون، فهو كما الآخرين في البحرين يخضعون للقانون ويحكمهم النظام.سعي «الوفاق» لإخراج الصغار في مظاهرات سرعان ما تتحول إلى مواجهات مع رجال الأمن عمل لا علاقة له بالسياسة، ودعوة المواطنين والمقيمين للمشاركة في نشر الفوضى والتمرد على النظام أمر لا يمكن لأي حكومة أن تقبل به، وبالتأكيد فإن تهديد المواطنين والمقيمين للمشاركة في فعاليات لا يؤمنون بها جريمة تحاسب عليها.