قول أمين عام الوفاق في الجلسة الأولى لمحاكمته الأربعاء الماضي: «نحن نرفض الدعوات الرامية لإسقاط النظام لأنه سوف يؤزم الوضع السياسي في البحرين وليس في المصلحة العامة للوطن»؛ قول يحتاج إلى إثبات بالأدلة القاطعة والبراهين وليس بالكلام، لأن السنوات الأربع الماضيات امتلأت بهذه الدعوات السالبة ولم تتخذ منها الوفاق موقفاً واضحاً برفضها بل كانت جزءاً منها، وليست الدعوة إلى «الجمهورية» ببعيد، وكانت الشواهد على هذا كثيرة رغم بعض التصريحات هنا وهناك بغية ذر الرماد في العيون وبهدف القول إن الشعارات التي ترفع هي من نتاج ائتلاف فبراير وجماعات أخرى وأنه لا علاقة للوفاق بها. كما إن قول أمين عام الوفاق في تلك الجلسة «نرفض رفضاً قاطعاً ممارسة العنف الذي تنتهجه عدد من الجماعات والخلايا»؛ قول يحتاج أيضاً إلى إثبات أيضاً لأن ما حدث في الشارع على مدى السنوات الأربعة لا علاقة له بالسلمية وكله عنف والوفاق جزء منه، ويكفي دليلا على هذا المظاهرات الأخيرة التي سيرتها الوفاق بعد ما حرضت عليها وتضمنت كلها أعمال عنف أدت إلى اضطرار رجال الأمن إلى التعامل معها حسب القانون وتسببت في تعطيل حياة الناس وتعرضهم للأذى.بالتأكيد فإن من حق أمين عام الوفاق أن يقول ما يريد قوله أمام المحكمة لتبرئة نفسه والإفلات من الأحكام التي قد تصدر ضده، كما إن من حق محاميه أن يوجهونه إلى التراجع عن بعض التصريحات ضمن خطة الدفاع التي اعتمدوها، لكن كل هذا لا يكون بالضرورة قابلاً للتصديق، خصوصاً في وجود تسجيلات لتلك التصريحات ولخطب الجمعة التي إن لم تتضمن ما هو مباشر من دعوات وتحريض فلا تخلو مما هو غير مباشر والذي يفهم منه أنه كذلك. ولعل من حضر جلسة المحاكمة من ممثلي الصحف الأجنبية والسفارات الأجنبية والمنظمات ذات العلاقة يرون ذلك التناقض أو التراجع عن التصريحات والمواقف بوضوح.أربع سنوات من ترديد شعارات ودعوات لإسقاط النظام وممارسات خارجة عن القانون وعنيفة وتهرب من إصدار بيان واضح يؤكد رفض العنف تكفي دليلاً على أن ما تقوله الوفاق اليوم ليس له مقابل يعتد به في الواقع، كما تكفي الإشارة إلى أن شعار السلمية الذي ترفعه هذه الجمعية تناقضه أفعالها في الشارع. إن كان ما تقوله الوفاق هذا صحيحاً، حتى لو كان موقفاً جديداً يعبر عن تراجعها عن مواقف سابقة، فإن عليها أن تثبته عملياً على أرض الواقع، فتوجه أعضاءها ومناصريها إلى التوقف عن الخروج في المظاهرات والمسيرات التي تعرف مسبقاً أنها ستشهد أعمال عنف وتخريب وستنتهي بمواجهات مع رجال الأمن، وأن تمنعهم من المشاركة بأي طريقة في الأعمال التي ينفذها ائتلاف فبراير وغيره من مجموعات تتخذ من العنف شعاراً، وأن تعلن ذلك بشكل واضح وتدينه وتتبرأ منه، فبغير هكذا عمل لا يمكن لأحد تصديق ما تقوله الوفاق سواء في قاعة المحكمة أو خارجها.قولك بأنك ضد المطالبة بإسقاط النظام أمر جميل وطيب لكنه يحتاج إلى دليل وإثبات، كما أنه لا قيمة للقول إن لم يرفق بعمل يؤكد صدقيته. وقولك إنك ضد العنف يحتاج إلى ما يثبت صحته من سلوك وعمل لا يفسح مجالاً للشك فيه. لو كانت الوفاق جادة وصادقة فيما تقول فإن عليها أن تلزم أعضاءها ومن يتشدد لها بهذا القول وإن كان تغيراً في الموقف، فمثل هذه الخطوة تمكن الجميع من الفصل بين الوفاق «الداعية إلى الإصلاح والرافضة للعنف» وبين من يدعو إلى إسقاط النظام ويمارس العنف والتخريب، فالحاصل الآن هو أن كل ما تقوم به تلك المجموعات محسوب على الوفاق وأمينها العام.