أياً كانت الجهة وأياً كان من يقف وراء الإرهاب الذي ضرب مصر فهو عدو لنا ليوم الدين، عدو لنا يهدد أمننا وسلامتنا واستقرارنا واقتصادنا كدول وشعوب خليجية، لذا فإن الموقف العربي المنتظر لا يجب أن يكون أقل مستوى من الموقف الذي ظهر بعد حادثة تشارلي إيبدو في فرنسا، فأرواح المصريين التي أزهقت على أرض مصر ليست بأقل أهمية من أرواح الفرنسيين، ومصر تعني لنا أهم ألف مرة من فرنسا ومن كل أوروبا، فهي ظهرنا الذي نستند عليه، هذا ليس مقالاً عاطفياً بل مقالاً يحذر من كارثة أمنية إن هي سقطت سقطنا وراءها. فلا نتوقع أن يراوح الموقف الرسمي عند بيانات الشجب والإدانة، ولا نتمنى أن يبقى الموقف الشعبي عند التعاطف ومصمصة الشفاه، فمن يستهدف مصر فإنه يعرف أنها قلب الأمة ومركزها وثقلها بل ويعرف أن الدول العربية الأخرى ما هي سوى أسماء على ذات القائمة ستتوالى الواحدة منها بعد الأخرى.فإن تداعت أوروبا وتداعينا نحن معها لنصرتها وعرضنا نحن مساعدتها في حربها ضد الإرهاب فلابد أن يستدعي ما يحدث في مصر اجتماعاً طارئاً وتنسيقاً للجهود على أعلى مستوى أمني وعسكري عربي لتقديم كل ما يمكننا تقديمه لمصر. أما على الصعيد الشعبي فإعلامنا ومؤسستنا لابد أن تكونوا على مستوى الحدث فالمهدد نحن لا المصريون فقط، ومثلما عقدنا اللقاءات وتداعينا شعبياً للتحاور حول التطرف الديني ووضع المسلمين في أوروبا وتناظرنا في كيفية نصرة الرسول والنقاش الفكري الذي تمحور حول جذور المشكلة لا بد أن يكون الحراك الشعبي والإعلامي على هذا المستوى إن لم يكن أعمق.فأعداء مصر يحاربونها اليوم بذات «الرماح» التي رفعت في وجه تشارلي إيبدو، إنهم يستخدمون ديننا ونبينا لقتل أبنائنا الذين يقفون على ثغورنا، والضحايا الذين سقطوا في سيناء أو الإسكندرية أو القاهرة سقطوا لذات الأسباب التي رفعت في فرنسا وأوروبا، فالحرب دينية أو على الأقل ترفع ذات الشعار.دول الخليج لابد أن تنظر لمن سقط على أرض مصر كأنهم سقطوا في المنامة وفي الرياض وفي الكويت، ليس من باب التعاطف بل من باب المشاركة في الأسباب، فمن قتل الجندي المصري يستهدف نظاماً قائماً يمنع الأحزاب الدينية السياسية، ودول الخليج تتبنى ذات التوجه فهل نحن بمنأى عن ذات الجهة التي استهدفت مصر؟فلا نتساوى في تفاعلنا نحن وإيران أو نحن وأي دولة غربية أخرى نكتفي بالشجب والاستنكار.لا يمكن أن ندفن رأسنا في الرمال ونحن نرى خليجيين امتدت مناهضتهم للنظام المصري لتصل إلى مناهضة الأنظمة في دول الخليج وندعي أن المشكلة هناك فقط في مصر ولسنا معنيين بها ولا يمكننا أن نفعل شيئاً سوى بالتعاطف معهم وإرسال المعونات المادية فقط.إن سقطت مصر سقطنا معها، وإن تأثرت مصر تأثرنا معها نحن لا ندافع عن مصر بل ندافع عن أنفسنا ونحمي أنفسنا.. فكله إلا مصر.
Opinion
كله.. إلا مصر
01 فبراير 2015