اهتم البعض بنشر فيديو قصير تم تداوله في اليومين الماضيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ تظهر فيه مجموعة من المحلات المسدلة أبوابها والمسربلة بالأقفال، وأرفق به هذا التعليق «فيديو يعكس مشهداً من المقاطعة الواسعة للتبضع والمعاملات استجابة لدعوة المعارضة احتجاجاً على محاكمة الأمين العام للوفاق». تصوير الفيديو تم بواسطة سيارة تسير في بعض القرى وهي تستعرض تلك المحلات من دون أن يصاحب الفيلم أي تعليق صوتي، فلم يعرف ساعة التصوير ولم تعرف القرى التي قالوا إنها استجابت للمقاطعة إلا من خلال أسماء المحلات التي ظهرت في الفيلم ومعالم الشارع. لنفرض هنا أن ذلك الفيلم قد تم تصويره في أي وقت من النهار وليس فجراً؛ حيث المحلات تكون مغلقة بشكل طبيعي، فهل هذا يعني أن من أغلق محله أراد المشاركة بالفعل في دعوة المقاطعة وأنه استجاب لتلك الدعوة بقناعة؟ واقع الحال يقول إن أغلب من شارك كان بهدف الإفلات من عمليات الانتقام التي دأب البعض على القيام بها عند الإحساس بفشل تلك الدعوات، وليس في هذا شطارة؛ لأنه إرهاب بمعنى الكلمة. الشطارة تكون في الاستجابة لهكذا دعوات وتحريض بقناعة وليس بخوف، تماماً مثلما هو الحال في غزة والضفة الغربية والقدس وغيرها من المدن والمناطق في فلسطين المحتلة، هناك لا يتم تهديد من لا يستجيب لمثل هذه الدعوات؛ لأن الجميع يعاني من الاحتلال الصهيوني والجميع يريد أن يعبر عن غضبه من هذا الاحتلال البغيض، وهو أسلوب يدخل في الكفاح الذي لا تتوفر أسبابه هنا في البحرين، فالمشكلة هنا ليست بين شعب وحكومة وإنما بين مجموعة لها أهداف خاصة ومآرب تريد أن تحققها وحكومة توفر الكثير للشعب، لذا فإن ما يجري هنا لا يعبر عن الشعب ولا عن نصفه ولا حتى عن ثمنه.ما لا يدركه هؤلاء هو أن التاجر لا يمكن أن يفرط في وقته وهو حريص دائماً على ماله، ويعرف أنه لو فعل ذلك لا يكون تاجراً وسيصف نفسه بالغبي، لذا فإن القول إن أصحاب المحلات التي تم تصوير أبوابها وهي مغلقة استجابوا لدعوة المقاطعة وشاركوا في الاحتجاج على محاكمة أمين عام الوفاق يدخل في باب «الشلخ»، ويقبل التعليق الشهير للفنان الكويتي القدير سعد الفرج «ودي أصدق.. بس قوية قوية».لنتصور أن كل هؤلاء أقفلوا محالهم وهم مقتنعون بالمقاطعة كأسلوب للاحتجاج، ولنتصور أن واحداً منهم لا يؤمن بموقفهم هذا، فهل يستطيع أن يفتح محله الكائن في قرية يسيطر عليها من لا يفهم في السياسة كوعه من بوعه؟ النتيجة المعروفة هي أنه لو فعل ذلك سيصبح في اليوم التالي على خبر احتراق سيارته أو بيته وربما تكسير محله أو حتى إشعال النار فيه، واعتبار دمه مهدوراً ولن يتم قبوله في مجتمع القرية. هذا الأسلوب تمت تجربته من قبل وكانت نتيجته دائماً صفراً وأثر سلباً على مصداقية جمعية الوفاق تحديداً باعتبارها جزءاً من هذا العمل وباعتبارها جمعية دينية سياسية، فما قاموا به في المرات السابقة وسعوا إلى تكراره الأربعاء الماضي تجن واضح على الأبرياء وفيه إساءة للإسلام، وهو لا يختلف أبداً عن الذي قام به أولئك الذين هاجموا الصحيفة الفرنسية وقتلوا الصحافيين ورجال الشرطة. ذاك أساء للإسلام وهذا أساء إليه أيضاً.لو وجهت دعوة المقاطعة من دون أن يصحبها تهديد لأصحاب المحلات لما اضطر أحد منهم إلى إغلاق محله ولو لساعة واحدة، ولامتنع أصحاب تلك المحلات من الوفاقيين والمناصرين للوفاق عن إغلاق محالهم لأنهم سيخافون من أن ينكشفوا فتعرفهم الجهات الأمنية وتحاسبهم. بهذا تكون القصة قد وضحت وبانت.
Opinion
إرهابيو الوفاق
01 فبراير 2015