استخرج «الخطأ» من الفقرة التالية التي نشرها سعادة النائب على وسائل التواصل الاجتماعي «الحكومة وافقت على فصل راتب الزوجين بأثر رجعي، وإلغاء 1% للتعطل، والتقاعد المبكر للمرأة». ستكون إجابتك صحيحة لو أدركت أن خطأ سعادة النائب تكمن في «الحكومة وافقت»، إذ إن الحكومة -وفق الدستور- لا تملك أن تقبل أو ترفض أياً من هذه الطلبات، لأنه من المفروض أن البرلمان سيد قراره، وهو الوحيد من يملك إلغاء قانون التأمين ضد التعطل ونظام الاستقطاع 1%، ووحده وليس سواه من يملك إصدار قانون بفصل راتب الزوجين بالنسبة للخدمات الإسكانية واحتسابها بأثر رجعي، وكذلك إصدار «تشريع» التقاعد المبكر للمرأة، لكون مجلس النواب سلطة تشريعية، وأدواته الرقابية تلزم الحكومة بالتنفيذ بصفتها سلطة تنفيذية.إذاً هذا التصريح -اسمحوا لي- مجرد ضحك على الذقون، ورغم ذلك ما علينا، خصوصاً إذا عرفنا أن رئيس الوزراء هو في الأساس من وافق على فصل راتب الزوجين في نوفمبر الماضي، وذلك قبل انعقاد الفصل التشريعي الرابع، وأن جهود خليفة بن سلمان وحكومته ترتكز في خططها واستراتيجيتها على تحقيق جودة الحياة للمواطن، من حيث مستوى المعيشة والصحة والتعليم والإسكان، انطلاقاً من قاعدة مصاحبة للأمير خليفة بن سلمان يعيد تكرارها دائماً وهي: «أن المواطن هو غاية التنمية وهدفها وهو الثروة الحقيقية».إذاً الكلام واضح وصريح لمن يستعصي عليه الفهم، لكن دعونا من ذلك كله، ولنذهب إلى السؤال المهم والموجه للنواب؛ هل «حسبتوها صح»؟ حيث إن النواب طالبوا الحكومة في الاجتماع:- تخصيص 30 ألف وحدة سكنية في السنوات الأربع القادمة وقد تم الاتفاق على 25 ألفاً.- وافقت الحكومة على وضع نظام يحقق استمرار معالجة البيوت الآيلة للسقوط بما يساعد المستحقين من أصحابها دون تحميلهم أعباء مالية.- اقترح النواب زيادة منحة المعاق الشهرية لتصبح 200 دينار وفقاً لضوابط واضحة تحقق الاستفادة للمستحقين منهم، علماً أن المنحة حالياً 100 دينار وتمنح لجميع المعاقين المسجلين لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، بغض النظر عن درجة الإعاقة والحالة الاجتماعية، والميزانية السنوية المخصصة لذلك حوالي 11 مليون دينار.- اقترح النواب زيادة علاوة المتقاعدين الحالية لتبلغ 180 ديناراً، علماً أن علاوة المتقاعدين تنقسم إلى 3 أقسام؛ الأول ممن رواتبهم أقل من 700 دينار ويستلمون 150 ديناراً ونسبتهم حوالي 79% من مجموع المتقاعدين، أي النسبة الأكبر، ويبلغ عددهم حوالي 36 ألفاً. أما الفئة الثانية فهم من يتراوح راتبهم التقاعدي ما بين 700-1500 دينار ويستلمون 125 ديناراً علاوة، أما الفئة الثالثة والأخيرة فهم من يبلغ راتبه التقاعدي أكثر من 1500 ويستلم علاوة 75 ديناراً، وقد طالب النواب رفع علاوة المتقاعدين من 150 إلى 180 «مساواتهم بالفئة الأولى»!!لكن يبقى السؤال المهم؛ من أين ستتدبر الحكومة كل هذه الأموال لتحقيق هذه الطلبات؟للأسف سنظل نعيش في تلك الحلقة المفرغة، طالما رفضنا النظر في «الغربال» لكي نتعلم حقيقة بسيطة أصبحت معلومة لدى الجميع، أننا نمر بظروف اقتصادية وسياسية تستنزف موارد الدولة وتعد الأسوأ في تاريخ البحرين كله، أقول ذلك ليس دفاعاً عن الحكومة ولا إنكاراً لحق البحريني في تحسين الظروف المعيشية، ولكن هي دعوة للتدبير.من سيتدبر سيعلم أن كلفة فصل راتب الزوجين ستكلف 30 مليون دينار إضافية سنوياً، وذلك لمدة 6 سنوات أي 180 مليوناً، علاوة على أن الطلبات الإسكانية ستزيد 3000 طلب إضافي سنوياً، أي أن الطلبات المقدمة سنوياً والتي تبلغ 5000 طلب ستصبح 8000، مما يجعل استحالة استيفاء طلبات المواطنين في الوقت المحدد، وسينتج عن ذلك زيادة سنوات الانتظار!!يا جماعة الخير، الله عرفوه بالعقل، والأمر يكاد يكون من المستحيل تحقيقه مع انخفاض سعر النفط ووصوله إلى أقل من 49 دولاراً للبرميل، ولن نتقدم شبراً إلى الأمام إذا لم نحل هذه المعضلة.فمن البديهيات عند أي إنسان حين يفكر في زيادة المصاريف أن يفكر في مصدر آخر للدخل، وهذا ما كان يجب على النواب أن يفعلوه، والبحث في سبل إيجاد مداخيل أخرى تحقق وفرة مالية تضاف للميزانية العامة لتحقيق كل هذه الطلبات، وفي رأيي الشخصي والمتواضع ليس أمام النواب إلا واحد من اثنين؛ إما العثور على «كنز قارون» أو ترشيد الدعم الحكومي، وأتصور أن الخيار الثاني هو الأمثل والأسهل والأسرع، لكون الدعم وحده يكلف ميزانية الحكومة أكثر من مليار دينار، ويمكن من خلال ترشيده وتوجيهه لمستحقيه أن يوفر على ميزانية الدولة أكثر بكثير من نصف المبلغ، وهو ما يمكن أن يحل مشاكل كثيرة بما فيها مشكلة الإسكان وطلبات الزوجين.