والله لم تكد فرحة أهل مدينـة المحــرق العريقة تدوم طويلاً بافتتاح مجمع السيف لديهم، حتى طالعتهم تصريحات من أعضاء المجلس البلدي بالمحرق تشير لتوجههم إلى غلق المجتمع بحجة تسببه بأزمة مرورية خانقة!لنفصل المسألة بشكل بسيط هنا، علنا نصل إلى مكمن «العلة».مجمع السيف في مدينة المحرق أعلن عنه منذ زمن طويل، وبدأت الأعمال الإنشائية فيه بعد أخذ الترخيص والموافقات من الجهات المعنية، ومن البديهي أن يكون المجلس البلدي طرفاً في الموضوع.تم استكمال بناء المجمع وأعلن عن افتتاحه، وتم الافتتاح بالفعل، وتناقل الناس صوره في وسائل التواصل الاجتماعي، وتوافد عليه أهل المحرق، وكان كثيرون ينتظرون افتتاح صالات السينما العديدة التي يضمها المجمع.الآن يقول البلديون بأن المستثمر لم يوف بتعهداته بشأن فتح مخارج عديدة للمجمع، الأمر الذي سيسبب أزمة مرورية خانقة، وعليه فإن الحل هو «غلق» المجمع حتى يفتح المستثمر مخارج أخرى إضافة إلى الجسر.هنا يقفز سؤال سريع إلى الذهن؛ طيب، إذا كانت هناك نواقص في استكمال الاشتراطات من قبل المستثمر، لماذا تمت الموافقة على افتتاح المشروع؟! وأين دور المجلس البلدي هنا؟! وهل العملية تمت وهو «خارج الصورة» بحيث قررت جهة ما ذلك دون الرجوع إليه؟!نترك الإجابة هنا لدى من يعنيه الأمر ويمتلكها، لكن المسألة برمتها تدفعنا للتساؤل عن طريقة التخطيط للاستثمارات في البلد، وهل هي تتم وفق معايير معينة، وهل تتبع آليات واضحة مع اشتراطات ثابتة لا يمكن التنازل عنها؟!ما قد نفهمه من تصريحات مجلس بلدي المحرق بشأن موضوع المجمع لا يخرج عن تفسيرين اثنين، أولهما بأن العملية تمت بمنأى عن المجلس، بحيث أبقي خارج الصورة، وهذا خطأ إن ثبتت صحته. أما التفسير الآخر فهو يعني بأن التقصير من جانب المجلس الذي قبل بالأمر ومرره والآن هو يصرخ ويقول بأن هناك خطأ ما حصل. وفي كلا السيناريوهين نجد بأن هناك عاملاً مؤثراً في العملية مفاده بأن إقرار إقامة المجمع والعمل به تم في فترة كان فيه عناصر المجلس مختلفين «أي عناصر المجلس السابق»، وكذلك الجهات الحكومية المعنية بعضها طاله التغيير، ما يعني أننا اليوم أمام حالة سببها «تركة» سابقة، لم يكن فيها تخطيط سليم، ولا توقع للأخطاء والتداعيات.لكن العملية تمت الآن وتحولت لواقع يقول بأن هناك مجمعاً في المحرق فرح بشأنه أهلها، وأن التلويح بإغلاقه مسألة لن يقبلها أي شخص، حتى لو كان من المتضررين من تكدس السيارات «لو حصل» في أوقات معينة.وبالحديث عن الزحمة المرورية، فإن القول بأن المجمع سيكون سبباً في اختناق مروري يسبب «أزمة»، نظن بأنه قول فيه من المبالغة، لا لكون الازدحام لن يكون أو يتم، بل لأن البحرين باتت مشهورة اليوم بكثرة الاختناقات المرورية وحتى على شوارع رئيسة، وهذا يعود لتخطيط بعض الشوارع وسوء تقدير استخدام بعض المداخل والمخارج، إذ حتى شارع سريع مثل «هايوي الأمير خليفة بن سلمان» تحصل فيه اختناقات.لو تسبب مجمع السيف بالمحرق باختناقات يضج منها الناس، فإن الملام هنا ليس المستثمر حتى يتعطل مشروعه وليس الناس حتى يحرموا من مشروع يفيدهم أكثر مما يضرهم، بل يلام من رخص للعملية دون التأكد من الالتزام الكامل بالشروط، ويلام من منح الضوء الأخضر لافتتاحه وهناك خلل ما في المسألة، وهذا يعني بأن المجلس نفسه مسائل قبل بذلك أم لا، ولا تقولوا من سبقنا المسؤول، لأنه وببساطة الافتتاح تم في زمن المجلس بأعضائه الجدد.خلاصة الموضوع تقودنا لنتيجة واحدة نكررها دوماً حينما تحصل لدينا أمور على مثل هذه الشاكلة، ونختزلها في كلمة واحدة نكررها علها تحرك ساكناً.. التخطيط.. التخطيط.. ومليون مرة التخطيط.