قبل أكثر من عقد، وأثناء إعداد أطروحتي للدكتوراه في أمن الخليج العربي من منظور العلاقات الدولية والإقليمية، وصلت لنتيجة موجعة تتمثل في أنه لم يتجاوز عدد سفن وطائرات الغزاة والطامعين في الخليج إلا عدد من كتبوا مدعين تخصصهم في قضايا الخليج تأليفاً وتحليلاً، فقد أغرت قضايا الخليج كل ذي جناح ومخلب، حيث طغت على الأغلبية الساحقة من الكتابات السطحية أو الجهل بأبسط الأمور الخليجية، وعند التجاسر على القيام بالتحليل من قبل بعض المدعين؛ كان يتم لوي النتائج لتخدم قناعات الباحث المسبقة، وهي قناعات تصب في حوض إرضاء صانع القرار السياسي الخليجي تحت عنوان عريض هو أن الأمور «لا يمكن أن تكون بأفضل مما قمت به يا طويل العمر».ومؤخراً ظهرت مؤشرات لصالح تطور مراكز الأبحاث الاستراتيجية الخليجية، ففي 27 يناير 2015 بشرتنا الدكتورة إبتسام الكتبي «الجنرال»، رئيسة مركز الإمارات للدراسات، بحصول المركز على المرتبة 9 عالمياً في قائمة أهم المراكز البحثية الجديدة في العالم في تصنيف مراكز الأبحاث الصادر عن Think Tanks and Civil Societies Program TTCSP من جامعة بنسلفانيا الأمريكية، حيث تعاون مع 1900 خبير من ذوي الاختصاصات المختلفة وفق منهجية علمية صارمة تعمل على قياس تأثير هذه المراكز على السياسات العامة وتعزيز المشاركة في الحياة الفكرية والسياسية. تبع ذلك بأيام خبر زفه لنا الدكتور عبدالعزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، حيث تم تصنيف المركز للسنة الخامسة على التوالي كواحد من أكبر عشر مؤسسات للفكر والرأي من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وضمن أهم 150 من مؤسسات الفكر الرائدة في العالم من قبل نفس المركز بجامعة بنسلفانيا، حيث جاء مركز الخليج في المرتبة 46، وفي المرتبة 40 ضمن التصنيف الجديد لأفضل تعاون مؤسسي. هنا نشير إلى أنه في الخليج العربي حوالي 50 مركزاً تستحق الإشادة، بعضها قيم في تصنيف جامعة بنسلفانيا وبعضها لم يقيم، ففي البحرين 7 مراكز أبحاث تستحق الإشادة منها؛ مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات» الذي نشهد له بالنجاح في تنظيم مؤتمر «الأمن الوطني والأمن الإقليمي»، وكان مخصصاً لمراكز الأبحاث الخليجية، وجمعية العلاقات العامة البحرينية النشطة، والجمعية البحرينية للتخطيط الاستراتيجي، اللذان كان لهما الفضل في عقد الملتقى الخليجي الأول للتخطيط الاستراتيجي في البحرين نهاية 2014.ويوجد في الكويت 11 مركزاً؛ منها مركز الأبحاث العلمية «KISR» والمعهد العربي للتخطيط «API» ومركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية «CSFS»، كما أشاد مركز «TTCSP» بـ3 مراكز في سلطنة عمان منها مركز تواصل، وأشاد بـ7 مراكز في المملكة العربية السعودية منها «مركز بن صقر» الذي سبق الحديث عنه، كما أن هناك مركز «اسبار» الذي يقود العمل فيه د.فهد العرابي، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة تحدث مركز بنسلفانيا عن 14 مركزاً، أنشطها مركز الإمارات للدراسات، رغم أن عمره لم يتجاوز العامين.وفي دولة قطر 9 مراكز؛ حيث جاء مركز الجزيرة للدراسات «AJCS» في المركز الثامن بين مراكز الأبحاث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «MENA»، وهو مركز يكفيه من الإنجازات ملف «مسيرة التعاون الخليجي.. التحديات الراهنة والسيناريوهات المحتملة» بإشراف د.جمال عبدالله، ونشيد أيضاً بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومنتدى العلاقات العربية والدولية. ونشير أخيراً إلى أنه في تصنيف مركز «TTCSP» لمؤسسات الأبحاث العربية لم ينضم لقائمة مراكز أبحاث الدفاع والأمن الوطني إلا المركز القومي للدراسات الاستراتيجية «RCSS» من مصر، وقد حصل على المركز الــ18 بين 85 مركزاً، كما حل مركز دراسات الوحدة العربية «CAUS» الرصين من لبنان على المركز 70 في نفس القائمة، مما يظهر غياب المحاور الدفاعية والأمنية عن اهتمامات المراكز الخليجية، متمنين أن يستثمر النجاح الحالي لخلق جيل جديد من الباحثين الخليجيين.
Opinion
نتائج إيجابية لمراكز الأبحاث الخليجية
04 فبراير 2015