بعد نحو أكثر من 36 عاماً على عمل الإدارة العامة للمرور في البحرين بقانون المرور الحالي، ها هو الوقت أزف للعمل بقانون المرور الجديد، والذي يأمل كل البحرينيين أن يكون القانون خطوة جبارة في الاتجاه الصحيح للحد من المخالفات المرورية المتكررة ومن حوادث السير القاتلة، فالبحرين فقدت الكثير من أبنائها في الشوارع ومن خلال حوادث الطريق خلال العقود الثلاثة الأخيرة، فعسى أن يكون قانون المرور الجديد نقلة نوعية وحقيقية لسلامة أبنائنا وكافة مستخدمي الطريق.ربما تكون أرقام المخالفات في قانون المرور الجديد كبيرة وصادمة معاً، لكنها في الحقيقة ليست أكبر وأكثر أهمية من أرواح الأبرياء، خصوصاً حين تكون المقارنة بين الروح والمال، فالذين فقدوا بعضاً من أعزائهم في حوادث سير مميتة هم اليوم أكثر إصراراً على أن يكون قانون المرور الجديد في شدته وصرامته، هو القانون الذي لابد أن ينفذ منذ الآن وصاعداً، فالأرواح العزيزة التي فقدتها غالبية الأسر البحرينية وحتى الكثير من المقيمين كانت بسبب عدم وجود قانون يمكن أن يحمي كافة مستخدمي الطريق.من المهم في هذه المرحلة من تدشين القانون الجديد أن تكون هنالك حملات إعلامية وتوعوية وتثقيفية قوية ومستمرة، وأن تكون مصاحبة لدخول القانون حيز التنفيذ، فالكثير من المواطنين وغالبية المقيمين، خصوصاً الأجانب، لم يطلعوا على كامل تفاصيل القانون، سوى البنود التي تتكلم عن المخالفات التي تتعلق بالغرامات المالية فقط، مما جعل الكثير منهم يتحسس من القانون، لأنه يمس الجانب المعيشي من حياتهم، ولهذا كان من الأفضل أن يطرح القانون بطريقة شاملة وليس بطريقة انتقائية تبعث الخوف في نفوس الناس بسبب المال وليس بسبب أشياء أكثر أهمية، كالحفاظ على الأرواح واحترام القانون.من المهم كذلك حين تطبيق قانون المرور الجديد أن تقوم الجهات المختصة بتطبيق القانون على كل الأفراد دون وجود استثناءات حين تطبيقه، كما يجب ألا تكون هنالك مبالغات في إعطاء المخالفات أو أن يكون هنالك تطرف غير متوازن في التعامل مع المخالفين، خصوصاً في بداية تطبيق القانون الجديد، لأن الناس هنا لم تكن معتادة على قانون يلزمهم بالكثير من الأمور التي تحد من سلوكياتهم السلبية، فالتدرج في تطبيق القانون وبطريقة سلسة، يمكن أن يأتي ثماره بصورة مقبولة لدى المجتمع، كما يجب على الجهات الإعلامية ألا تبرز الجوانب المتعلقة بمسألة الغرامات المالية دون سواها، فالقانون الجديد هو عبارة عن مجموعة كبيرة متماسكة ومتكاملة من المواد الحافظة للأرواح، ولهذا من الخطأ إبرازه «كحصالة» لجباية الأموال فقط.بعد نحو عام من دخول القانون إلى فضاء التطبيق، حينها يمكن أن نتحدث بلغة مختلفة، هي لغة الصرامة والشدة، لأن المدة كانت كافية كي تتخمر كل بنود القانون في أذهان المجتمع، وحينها لا توجد لدى أفراده حجة قائمة في عدم الالتزام بالقانون الذي نأمل أن يكون واقياً من الموت الذي شبعنا منه طيلة عقود ممتدة من الزمن المر، في شوارع كنا نخاف أن نموت فيها بسبب طيش شاب أو جنون مراهق أو عدم الالتزام بقانون إنساني يحفظ الأرواح والممتلكات.نرجو من كافة الجهات المختصة ومعهم كافة أبناء المجتمع وكذلك ضيوف البحرين، أن يلتزموا بقانون المرور الجديد، فهو بلا شك سيكون حافظاً للجميع، حتى لو كانت له أنياب، أنياب تحمينا ولا تنهشنا، أنياب خير.