رغم المداخلات النقدية والمنطقية التي قدمها عدد كبير من النواب، يشكلون الأغلبية فقد صوت 37 نائباً بالموافقة على برنامج الحكومة في الجلسة الأولى لمناقشته، فكيف يعترض النواب على برنامج ولأسباب يشرحونها بإسهاب، ومنهم أعضاء في اللجنة ثم يوافقون عليه بهذه السرعة، ألم يكن من واجب المجلس أن يعيد البرنامج إلى اللجنة ومنها إلى الحكومة لتجيب فيه على أسئلة وملاحظات واعتراضات النواب الأساسية، ومن ثم يعود المجلس لمناقشة رد الحكومة، فإذا وجده منطقياً ومقنعاً وافق على البرنامج وإذا لم يجده كذلك كرر رفضه وأعاده للحكومة حسب التعديل الدستوري.في ظني أن التناقض بين توجيه الانتقادات والاعتراضات للبرنامج والتصويت عليه بالإجماع تقريباً يعود إلى علانية عملية التصويت وبالأسماء والذي وجده أغلبية النواب موقفاً محرجاً لهم فالموافقة والرفض هنا تنعكس بالضرورة على العلاقة مع الحكومة بصفة عامة والوزراء بصفة خاصة عندما يزورهم النواب لتلبية طلبات خدمية تحتاجها دوائرهم الانتخابية، ولو كان التصويت بالأعداد مثلاً لاختلفت النتيجة.وبعبارة أخرى كيف يورد أكثرية المتداخلين من النواب الملاحظات التالية ثم يبلعونها ويصوتون بالموافقة على البرنامج: 1. أحدهم يقول صدمت ببرنامج الحكومة كلما ناقشنا أمراً قالوا تجدونه في الميزانية.2. ليس هناك شفافية حول الدعم الخليجي، الإسكان ملف سياسي ولم تقل الحكومة شيئاً عن تقليل مدة الانتظار ولا متى ستحل مشكلة الإسكان، ولا كيف ستبنى 25 ألف وحدة سكنية بمبلغ 120 مليون دينار، هناك أراض لدى الإسكان يحتاج دفنها إلى 7 سنوات.3. تعديلات اللجنة النيابية لا ترقى إلى طموحات المواطنين وبرنامج الحكومة لا يتضمن أبسط قواعد القياس ولا يوجد جدول زمني لتنفيذ البرنامج وهو يحتاج إلى إعادة صياغة.4. هناك فساد ومفسدون في الدولة والبرنامج لم يتطرق إلى الفساد ولا كيفية التصدي له، كما أنه لا يحمل ملامح واضحة تبين الطموح الذي نريد الوصول إليه مقارنة بوضعنا الحالي، كما أنه خلا من زيادة الرواتب.5. غابت عن البرنامج آلية العمل، وامتلأ بالتوجهات الجميلة واكتفى بأننا سنعمل وسنطور، واحتوى على عموميات اتفق عليها أعضاء اللجنة منذ الاجتماع الأول، الحكومة قالت إننا نحتاج إلى مدارس ومستشفيات ووحدات سكنية وإلى حل العجز الإكتواري في التأمينات وإلى معالجة عجز الميزانية والدين العام ولم تذكر كيف ستفعل ذلك، وأن برنامجها يحتوي على أرقام كثيرة ولم نر رقماً واحداً.ملاحظات النواب هذه تقول إن العمومية والإنشائية التي صيغ بها برنامج الحكومة سيصعب عليهم محاسبتها على تنفيذه، وأن ضمان الثقة بين السلطتين الذي تحدث عنه وزير المتابعة لا يقل عمومية عن البرنامج نفسه.
Opinion
ما بعد إقرار البرنامج
05 فبراير 2015