للتذكير فقط، فإن تقرير ديوان الرقابة في نسخته «قبل الأخيرة»، أي الصادر في عام 2013 لم يتعامل معه بشأن اتخاذ إجراءات بحق المخالفات الواردة فيه سوى «الحكومة».وحتى لا نجحف النواب، فإنهم بالفعل تعاملوا معه لكن «صوتياً» وعبر تصريحات «عنترية» في وسائل الإعلام، دون أن ننسى السجال «الممل» الذي دار بشأن «الإحالة للنيابة» ومطالبتهم بأن يكون ديوان الرقابة المالية هو الجهة التي تحيل.القول هذا يعني بأن التقرير في نسخته قبل الأخيرة لم يؤخذ بشكل جدي من قبل النواب، ومن بينهم من هو يصرخ ويصيح ويصدح بشكل دائم بشأن الفساد الإداري والمالي واستهتار المسؤولين وضياع ميزانيات القطاعات المختلفة.نقول ذلك لأننا نأمل من مجلس النواب بعناصره الثلاثين الجدد والعشرة السابقين تعاطياً أكثر جدية وقوة بحق التقرير الصادر في أواخر عام 2014، والذي حتى الآن لم نجد تعاطياً معه إلا عبر اللجنة الوزارية التابعة للحكومة، والتي كانت هي الجهة التي تعاملت مع التقرير الذي سبقه.نعلم تماماً بأن مناقشة برنامج الحكومة واقتراح تعديلات وإضافات عليه أخذت الكثير من وقت المجلس الجديد، وأننا الآن بانتظار فصل جديد يتعلق بالميزانية، لكن واجبنا يدفعنا للتذكير بشأن تقرير ديوان الرقابة الأخير، إذ التجربة والتاريخ أثبتا وبالأرقام أن لدينا قرابة 11 تقريراً لم يتم التعامل معهم إلا كلامياً وإعلامياً فقط، وأن ما تضمنته التقارير من أمور مرعبة ومخيفة تتعلق بالإخلال الإداري والهدر المالي لم يتم التعامل معها على محمل الجد.فقط أحياناً أتخيل لو أن التعامل كان صارماً وقوياً منذ صدور التقرير الأول، كم مسؤولاً «طار» من مكانه؟! وكم وزيراً «طرحت» فيه الثقة؟! وكم ممارسات خاطئة كنا قد تصدينا لها بحيث لا يكون لها استنساخ آخر يهدر مزيداً من أموال الدولة؟!هناك أمور أسست في هذا البلد ينبغي التعامل معها بجدية وحرص شديدين، لا أن نعتبرها فقط «إكسسوارات» نثبت فيها «شمولية» نظامنا الديمقراطي وذلك حينما نتحدث للعالم ونمتدح التجربة البحرينية.محاربة الفساد والرقابة والمحاسبة كلها أمور إيجابية، وكلها مقومات تعزز أي مشروع إصلاحي وتقوي أي تجربة ديمقراطية، لكن شريطة أن توضع موضع الممارسة ويتم التعامل معها بالجدية المطلوبة، لكن أن توضع هكذا دون أي استخدام، فإننا نسيئ للدولة قبل أن نخدمها.مثلما قلنا، هناك أمور وجدت لتؤسس أعرافاً صحيحة ممارسات هي المطلوبة للتصدي للظواهر الخاطئة، ودون الاستفادة منها فإننا نبصم على أنفسنا بأننا محبون للشعارات كارهون للتطبيق، وهذا الخطأ الجسيم الذي يحصل هنا.كل مسألة لو وضعت في ميزان الاستخدام الفعلي أو الإبراز الإعلامي أو الشكلي يمكنها أن تثبت مدى جدية من يتعاملون بها أو يتحملون مسؤوليتها، وهنا للأسف نقول بأننا فشلنا في تعاملنا مع كثير من المكتسبات التي حققها لنا المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله لأننا قبلنا بأن نستخدمها كشعارات جميلة فقط، ونسينا الأهم وهو «التطبيق العملي» الذي تنتج عنه آثار إيجابية تغير من واقع ممارسات قطاعات الدولة وتؤثر بصورة طيبة على المجتمع.
Opinion
محبون للشعارات كارهون للتطبيق
07 فبراير 2015