هذه المرة لن يتعب المحرضون على إثارة الفوضى والشغب في ذكرى 14 فبراير ولن يجدوا صعوبة في شحن العامة، فهناك العديد من القصص التي حدثت قبل حلول فبراير بقليل؛ أبرزها محاكمة أمين عام الوفاق وسحب الجنسيات يفترض أنها قامت بهذا الدور. وهنا يبرز سؤال؛ الحكومة كانت تعلم أن فبراير الذي صار شهراً مهما بالنسبة إلى «المعارضة» على الأبواب، وتعلم أن بعض المجموعات تنظم فيه العديد من الفعاليات في كل عام وتعتبره فرصة لشحن عناصرها وشحن المنظمات الحقوقية في الخارج أملاً في كسب تعاطف دولي؛ فلماذا لم تؤجل الحكومة قرارتها هذه إلى ما بعد فبراير؟ ولماذا زادت من جرعة مواجهة الأعمال الخارجة عن القانون وصارت تتعامل مع كل مظاهرة ومسيرة غير مرخصة بما يتيحه لها القانون من حزم؟ مثل هذه الأسئلة وغيرها لا شك تدور في أذهان «المعارضة»، ولا شك أن لها تفسيراتها وتحليلاتها التي قد يصيب بعضها وبعضها الأغلب يخيب ويصل إلى حدود تثير الضحك بسبب المبالغة وإطلاق العنان للخيال، لكنها في كل الأحوال متأكدة من أن إقدام الحكومة على ما أقدمت عليه يعني أنها عازمة على إنهاء هذه القصة، وأنها بذلك تريد أن توصل رسالة واضحة إلى كل الذين يمارسون تلك الأفعال المفضية إلى الفوضى والشغب؛ ملخصها أن كفى وأن الدولة لن تسمح بالمزيد وأنه لم يعد لديها مزيد من الصبر كي تتحمل أعمال الشغب التي أثرت سلباً على حياة الجميع.إقدام الحكومة على كل هذه القرارات الحازمة والقوية يراد منه أيضاً توجيه رسالة إلى الخارج المساند لمثيري الفوضى والشغب؛ ملخصها أن الكيل فاض وأن عليها أن تتوقف عن كل أشكال الدعم الذي توفره لـ «المعارضة» لأنها لن توصلها إلى مفيد، فالحكومة هنا قوية ولن تسمح بالمزيد مهما قيل عنها وإلا تكون قد قصرت مع الشعب الذي لا تمثل «المعارضة» بمختلف تلاوينها إلا جزءاً صغيراً منه. لم يعد يهم ما يقال عن تجاوز حقوق الإنسان والتضييق على الحريات ونقض المعاهـــدات والاتفاقــــات التـــي وقعـــت عليها الحكومة، لأن مبالغة البعض في ممارساته وتجاوزه القانون أعطاها الحق في وضـع حد لتلك الممارســات وفاعليهــا، وهذه مسألة مهمة، أي أن ما تقوم به الحكومة اليوم شرعي مائة في المائة ولا يمكن للعالم أن يعترض عليه، فبعد كل هذا الذي مر على البلاد وصلت الحكومة إلى قناعة مفادها أن ترك هؤلاء يستمرون في سلوكهم السالب يعني السماح بضياع الوطن، وأوصلت العالم إلى قناعة مفادها أنه ليس من العدل السماح لهذا النفر تخريب دولة لها بصماتها الحضارية.هذا يعني أن الحكومة تبدو كأنها قررت إغلاق هذا الملف نهائياً، ويعني أنها متأكدة من أنها من القوة ما تضمن به تحقيق النتائج المرجوة وإلا لما اتخذت مثل هذا القرار، لكن هذا لا يعني أنها تعتبر «المعارضة» عدواً لها، فليس المراد هنا الانتصار على «المعارضة» وتدميرهــا؛ وإنما جرها إلى حيث تستعيد رشدها لتصير فاعلة ومشاركة في البناء والتنمية والتطويـــر، ذلك أن وجــــود المعارضــــة الإيجابية مسألة مهمة، ولأن المنتمين إلى المعارضة يظلون في كل الأحوال أبناءها وتظل هي مسؤولة عنهم وعن تحقيق أمنياتهم المشروعة وتطلعاتهم. الطبيعي هو أن محاصرة «المعارضة» وتوجيه الضربات المتتالية إليها يقويها ولا يضعفها، لأنها في حالة كهذه تحول السلبي إلى إيجابي وتستفيد من هكذا ضربات متتالية في تحفيز عناصرها وإدخالهم في حالة تحد، لكن هذا يعتبر صحيحاً لو كانت هذه المعارضة واسعة وليست كما هو حالها في البحرين لا ينتمي إليها إلا القلة ولم يعد لها تأثير يذكر، لا في فبراير ولا خارجه.