ظروف البحرين تختلف عن ظــــروف اليمـــن، وإيران قد لا تستطيع أن تفعل هنا ما فعلته هناك، لكن ما الضامن ألا نصحو ذات صباح على «حوثي بحريني» يعلن عن «ســـد فــراغ وتشكيل مجلس وطني ومجلس رئاسي ومرحلة انتقالية مدتها سنتان»؟ اليوم يدرك الجميع أن هذا يدخل في مساحة الحلم الذي يسيطر على جمعية الوفاق والجماعات المتفرعة عنها والتي لم يتأخر بعض «رموزها» عن التعبير عن فرحتهم بما حققه الحوثيون في اليمن، فاستغلوا برنامج «حديث البحرين» الذي تبثه فضائية «العالم» الإيرانية يومياً وتستضيف فيه من تصفهم بالمعارضة البحرينية للتهنئة بهذه المناسبة وتمني اقتراب «اليوم الموعود» ليتلون بيانهم الأول هنا. ومن تابع فضائيات مثل المنار اللبنانية التابعة لحزب الله لا بد أنه لاحظ حجم الفرحة في عيون قارئي النشرات الإخبارية والانحياز الواضح للإنقلاب الذي لم يطلقوا عليه اسم انقلابواختاروا له اسم «الإعلان الدستوري» كي يعينوا على تقبله. حقيقة لا نعرف ما الذي تطبخه إيران في الخفاء ولا كيف تدير اللعبة، ولكننا نعرف تمام المعرفة أنها لا تكتفي بتخصيص تلك المساحة الزمنية اليومية في فضائيتها السوسة لجرح البحرين والإساءة إليها ودعم تلك المجموعات بشكل فاضح، وإنما تعمل أموراً أخرى خصصت خبراء لإعدادها وتنفيذها.لم يعد سراً موضوع الدعم المادي الكبير الذي تقدمه إيران لهذه المجموعات مقابل القيام بتهيئة الأرضية اللازمة للخطوة التالية المدرجة في الاستراتيجية المعتمدة، فاليوم صار الجميع على علم أكيد بأن إيران هي التي تغذي هذه المجموعات وتوفر لها الوقود الذي يعينها على القيام بهذه المهمة والمتمثل في الدعم الإعلامي اللامحدود عبر مجموعة من الفضائيات الإيرانية واللبنانية والعراقية واللندنية، والدعم الآخر الذي يجعل جمعية مثل الوفاق تتقدم «بقلب قوي» بطلب للحصول على ترخيص لإنشاء فضائية خاصة بها وصحيفة يومية.الدعم نفسه ولكن من الحجم الكبير حصل عليه الحوثيون في اليمن، ولهذا ركزت تلك الفضائيات على خبر الألعاب النارية التي أطلقها الحوثيون تعبيرا عن فرحتهم عن التطور الجديد في اليمن، وأهملت خبر المظاهرات الرافضة لذلك التطور بغية توصيل رسالة مفادها أن كل اليمنيين مع الانقلاب ويباركونه، وأن الدليل هو مشهد إطلاق الألعاب النارية الذي كررت بثه في نشراتها الإخبارية وفي العديد من البرامج التي خصصتها للحديث عن اليمن بغية شد أزر الحوثيين.الأكيد أن إيران ستعتبر البيان الصادر عن مجلس التعاون الخليجي والرافض للانقلاب تدخلاً في شؤون اليمن الداخلية، والأكيد أيضاً أن إيران باشرت في عقد صفقة مع الدول الكبرى -التي لا يهمها سوى ضمان مصالحها- بغية تحييدها ومنع أي تدخل من أي جهة في «النهاية السعيدة» التي وصلت إليها في «اليمن السعيد». الانقلاب على الشرعية الدستورية في اليمن صناعة إيرانية مائة في المائة، هكذا يقول كل متابع لتطورات الأحداث في هذا البلد الذي هو اليوم على أبواب الحرب الأهلية، وهكذا تقول الفضائيات الإيرانية وتوابعها التي لولا الخجل لتحزمت ورقصت على الوحدة ونص تعبيراً عن مشاعرها. السؤال الأهم هنا هو هل سيكتفي مجلس التعاون بإصدار البيانات الرافضة للانقلاب على الشرعية في اليمن؟ أم أن هناك قرارات لم يتم الإعلان عنها قد اتخذت من شأنها أن تعيد الوضع هناك إلى طبيعته؟ وإذا كانت قرارات في هذا الخصوص قد اتخذت فما هو تأثيرها على دول التعاون بشكل عام والبحرين بشكل خاص؟ على اعتبار أن البحرين تشغل دائماً مساحة كبيرة من اهتمامات إيران، وقد تستغل الظروف فيقوم أحد رجالها بإصدار إعلان دستوري وتشكيل مجلس وطني من 551 عضواً يحل محل مجلس النواب ويقوم بتشكيل مجلس رئاسي من مهامه تشكيل حكومة انتقالية!