العبـــارة التــــي يهتــم البعــض بترويجهــا باستمرار هي «منتسبو الأجهزة الأمنية يهاجمون المتظاهرين السلميين بالغازات السامة والشوزن»، وهي عبارة الغرض منها هو شحن العامة في الداخل بغية الاستفادة منهم في أعمال الفوضى والتخريب، وفي نفس الوقت توصيل رسالة إلى الخارج ملخصها أن «انظروا كيف أننا نتعرض للأذى من قبل رجال الأمن رغم أننا متظاهرون سلميون». لكن هذه العبارة تتضمن العديد من المغالطات ولا تحتوي إلا جزءاً من الحقيقة هو المتمثل في أن مجموعة من الأفراد -زادوا أو نقصوا- خرجوا في مظاهرة، أما المعلومات الأخرى الواردة فيها فتحتاج إلى وقفة.الأجهزة الأمنية مهمتها حفظ الأمن والنظام، أي أنه طالما أن الأمن مستتب ولا يوجد ما يؤثر سلباً على النظام والقانون فإن المنتمين إلى هذه الأجهزة يبقون في أماكنهم هادئين. هذا يعني أن هؤلاء لا يقومون بفعل الهجوم بالطريقة التي يسعى البعض إلى تصويرها وترويجها، وإنما يتعاملون مع موقف معين بما يوفره لهم القانون من هامش يتحركون فيه كي يستتب الأمن والنظام. بمعنى آخر؛ لا يمكن لرجال حفظ الأمن والنظام أن يتعاملوا مع موقف غير موجود أساساً ولا مع موقف موجود ولكن لا يؤثر على الأمن والنظام وليس فيه تجاوز للقانون.ما يحدث هو الآتي؛ يقوم مجموعة من الأفراد بالخروج في مظاهرة غير مرخصة فيرفعون الشعارات المسيئة ويعطلون مصالح الآخرين. وبما أن خروجهم هذا يتضرر منه الآخرون وقد يعرض حياتهم للخطر؛ لذلك فإن رجال حفظ الأمن والنظام يضطرون إلى التعامل معهم بالطريقة والوسيلة التي يحددها القانون، والهدف هنا هو إنهاء الحالة التي تسببت تلك المجموعة في حدوثها.لا يمكن منطقاً القبول بتسيير المظاهرات في أي وقت وفي أي مكان وخارج إطار القانون. هذا حق للدولة لا يمكن أن تفرط فيه لأنه مرتبط بأمن الآخرين المسؤولة عنهم، لذلك فإنها توعز للأجهزة المختصة بالتعامل مع تلك التجاوزات، وهذا بالضبط هو ما تقوم به أي دولة في مثل هذه الحالات (لنتصور مظاهرة تخرج في لندن من دون الحصول على الترخيص اللازم، كيف يكون تعامل رجال الأمن مع المشاركين فيها؟ ولنتصور أيضاً الأمر نفسه يحدث في طهران ويتم خلال المظاهرة رفع شعارات تسيء إلى رموز الدولة فيها، كيف يصير حال المتظاهرين بعد دقائق من انطلاق المظاهرة ؟). أما مقولة «المتظاهرين السلميين» فهي صحيحة لكنها ليست دقيقة، فالمتظاهرون السلميون لا يخرجون في مظاهرة غير مرخص لها ولا يرفعون شعارات عدائية ولا يدخلون في مواجهات مع المعنيين بالأمن، خصوصاً وأن المواجهات هنا يستخدمون فيها قنابل المولوتف الحارقة والحجارة وغيرها من أدوات يمكن أن توقع ضحايا، كما حدث قبل يومين في أحد شوارع العاصمة، حيث أصيب ثلاثة من رجال الأمن بفعل «متظاهرين سلميين» رشقوهم بسيل من تلك الزجاجات وهم يقومون بواجبهم المتمثل في حفظ الأمن والنظام. أما جزئية «إطلاق منتسبي الأجهزة الأمنية الغازات السامة والشوزن» فتحتوي خطأين؛ الأول هو أن ما يستخدم هنا هو غازات مسيلة للدموع والهدف منها هو تفريق المتجمعين كي تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي، والثاني هو أن استخدام وسائل أخرى يظل محدوداً وفي ظروف معينة، وكل هذه الوسائل يستخدمها رجال حفظ الأمن والنظام في كل دول العالم بما فيها الدول التي يعتبرها أولئك نموذجاً ويدعون إلى التيمن بها. ما تقوم به تلك المجموعات بعيد عن السلمية بعده عن القانون والنظام، وهو لا ينتج سوى الفوضى والتخريب ويتسبب في أذى الناس ويعرض حياتهم وحياة أطفالهم للخطر، ويزيد من تعقيد المشكلة التي لا بد لها من نهاية