وقف في جانب من جوانب الهايد بارك ووضع كرسياً صغيراً ووقف عليه ليصرخ في الناس «بهرين بهرين» فتجمع حوله العشرات من مرتادي الحديقة ليخطب فيهم ويتحدث بحرقة عما أسماها انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، فجأة خرج عليه شخص من بين الحشد المحدود وسأله لماذا لا تعود إلى بلدك البحرين بدلاً من الصراخ كل أسبوع في هذا المكان.حاول الانتحاب ولكنه لم يتقنه، فأجاب قائلاً: «هنا في لندن نملك الحرية الكافية للتعبير عن آرائنا دون خوف أو محاسبة، في الوقت الذي لا نتمتع فيه بهذه الحقوق في بلدنا البحرين».سأله السائل من جديد: «هل تعتقد أن المهرجان الذي تقيمه هنا كل أسبوع يشوه سمعة بلدك؟».أجاب: «نحن حريصون على سمعة بلدنــا البحريــــن ولكننا لا نؤيــــد الحكومة القائمة هناك، لذلك نستهدف الحكومة بأنشطتنا ولا نستهدف الدولة».بعد هذه الحادثة بأكثر من عشر سنوات، تحول هذا الشخص لصاحب منبر إعلامي يعبر عن رأيه بكل حرية ودون قيود، وبات مؤثراً في اتجاهات الرأي العام البحريني تجاه مختلف القضايا، وكرس جهوده لتشويه سمعة الحكومة ونقدها بشكل لاذع، ومع ذلك يؤكد أنه حريص على سمعة الدولة.لاحقاً بعد عشر سنوات، مازال مصراً على تشويه سمعة حكومة بلاده لأنه يعتقد أنها لا تمثله، ويجب أن تكون حكومة «منتخبة» لتحقق التطلعات وتقضــي علــى التمييــز والفساد. تعرضت البحرين لأزمة عميقة قبل 4 سنوات، فكرس جهوده للدفاع عن الجماعات الراديكالية، وكانت له مواقف متطرفة، وعمل بشكل ممنهج على تشويه سمعة الحكومة إعلامياً في الداخل والخارج دون محاسبة، والآن بعد فشل الأجندة الراديكالية وعقب سنوات طويلة من تشويه السمعة المنظمة، وعندما اتخذت الحكومة قرارات سيادية تجاه بعض القضايا، ظهر هذا الشخص مرة أخرى وانتقد مواقف الحكومة وقال «إنها تسيء لسمعة البحرين»!لا أعتقد أنه التقى بمن خرج عليه في الهايد بارك ليشرح له سبب عودته للبحرين، ونشاطه الإعلامي البارز، ولا ليشرح له الفرق بين حرية التعبير، وتشويه سمعة الحكومة، وتشويه سمعة الدولة.البكاء المتأخر يكون معيباً عندما تختلـــط المفاهيــــم السياسيــــة والإعلاميـــــة ويكـــــون الضحيـــة الجمهور المخدوع.