هناك حالة من التندر على من يظن أن إرجاعه المبالغ المليونية لخزينة الدولة بأنها «شطارة» أو «توفير» وأن إدارة الوزارة «ذكية ومحنكة»هذا عنوان تحته نشرت صحيفتنا «الوطن» أمس توجهات مجلس الوزراء بشأن اعتماد الميزانية المقبلة للدولة، وهي الملف الثاني الذي سيجمع الحكومة ونواب البرلمان في سجال متوقع -مثلما حصل في برنامج عمل الحكومة- ونأمل له أن ينتهي بما يخدم الوطن والمواطن.مجلس الوزراء درس 4 أسس لاعتماد الميزانية المقبلة، والإيجابي فيها إعلان عدم القبول فيها أية «اعتمادات إضافية» في الميزانية، وهذا ما من شأنه تثبيت الدين العام على الرقم الحالي الذي هو عليه، وعدم استمرار نفس النسق الذي شهدناه طوال السنوات السابقة بإضافة اعتمادات هنا وهناك. وعليه نقول بأنها عملية «ضبط» جيدة وفي محلها.إضافة إلى ذلك فإن التأكيد على «خفض المصروفات الحكومية المتكررة» يجعلنا وبدافع الفضول أن نطلب التوضيح أكثر للمواطنين بشأن هذه المصروفات المتكررة وكيف سيكون الخفض فيها، بحيث يكون التطلع إلى صرف كل فلس في الدولة في اتجاه صحيح ومثمر، وهو الأمر الذي سيقلل -منطقياً- من عمليات هدر الأموال وصرفها على أمور ليست أساسية، ما يعني أن الرصد في تقرير الرقابة المالية والإدارية القادم يفترض أن نشهد فيه أرقاماً أقل.أما الأسس الباقية فركزت على «تقدير إيرادات النفط» وفق أسعارها العالمية، والجيد أن الأسعار بدأت تتحرك للأعلى نوعاً ما، مع تقديرات بأن السعر سيصل إلى قرابة 70 دولاراً في العام الحالي، الأمر الذي سيتماشى مع اعتمادات السعر في الميزانية العامة. إضافة إلى عملية «إعادة توجيه الدعم لمستحقيه من المواطنين بشكل مباشر»، وهي النقطة التي نشدد عليها بأن تكون الإجراءات المتخذة والخطوات المتبعة فيها تحرص شديد الحرص على ألا ينقص على المواطن أي شيء في معيشته أو مستوى الخدمات المقدمة له أو أسعارها، مع ضمان مراقبة الأسعار بصرامة والتعامل الجاد بالقانون مع من يتلاعب بها.في معرض قراءتي للخبر المتضمن قرارات مجلس الوزراء، كنت أفكر بشأن آلية التعامل مع أي قطاع سيطلب دعماً إضافياً، خاصة وأن هذه المسألة ستحصل بالضرورة، فلقد عودتنا قطاعات معينة بأنها تأتي في وقت ما، وبعد إقرار الميزانية إثر معركة مع النواب لتطلب دعماً إضافياً في موازنتها، وسواء مرت المسألة على مجلس النواب أو لا، فإن النتيجة السائدة دوماً هي بالإيجاب، وهنا نتوجس من السماح لبعض القطاعات بذلك، ما يعني أننا لم نفعل شيئاً. بالتالي الالتزام بهذه المسألة أمر مهم وحتمي، خاصة إذا تذكرنا بأنه من التعهدات أو الضمانات أو التوجهات «سموها ما شئتم» في برنامج عمل الحكومة هو العمل على إنهاء مشكلة الدين العام والعجز الإكتواري.نقطة أخرى أراها إيجابية جداً، وهي ما من شأنها ضبط «حماس» بعض الوزراء في ما يتعلق بالمشاريع، إذ كثير من الوزارات تتقدم بطلبات لمشاريع عديدة ترصد لها ميزانيات ضخمة، ثم نتفاجأ بأن المشروع توقف أو تعطل، وأن بعض الوزارات تعيد ملايين عديدة لم تصرفها. وفي النقطة الأخيرة هناك حالة من التندر على من يظن أن إرجاعه المبالغ المليونية لخزينة الدولة بأنها «شطارة» أو «توفير» وأن إدارة الوزارة «ذكية ومحنكة»؛ إذ المسألة على العكس تماماً، وتعني بأن هناك وزارات تطلب مبالغ أكثر من احتياجها وهذا عائد إلى «الفشل الذريــع» في عملية «التخطيط» وبرمجة المشاريع.وعليه فإن النقطة الإيجابية التي وافق عليها مجلس الوزراء بالأمس تتمثل بـ«إلزام» الوزير حال تأخر أي مشروع لمدة 3 أشهر برفع مذكرة للمجلس يوضح فيها أسباب التأخير.مثل هذه القرارات والخطوات التي تتخذها الحكومة وتنشرها الصحافة على هيئة أخبار، ربما تمر على كثير من المواطنين مرور الكرام، قد يقرأ الخبر ولا يتوقف عنده ليبحث في طياته أو يستقرئ أبعاده وتداعياته، لكن الواقع يقول بأن هذه النوعية من القرارات والتوجهات تعتبر مؤشرات على زيادة وعي وعلى تقنين إيجابي للعمليات وعلى تدقيق وتصحيح هدفه ترتيب الأولويات بما يضمن أن يكون العمل أكثر فاعلية.لو أرجعنا لكل عملية أسس العمل الصحيح المتمثلة خطواته بالتخطيط والتنظيم والتنفيذ ثم قياس الأثر، وقرنا العملية بالأولويات والاحتياجات الملحة، لوجدنا أننا ندخل تلقائياً في أطوار عمل منتج احترافي ينعكس أثره الإيجابي بوضوح على الناس والقطاعات التي تمس مصالحهم.