بدون الدخول في تفاصيل المحاصرة الأمنية لحاضر ومستقبل مجلس التعاون والتي دفعتنا في نهاية اليوم الأول من منتدانا إلى الاقتناع بأغنية «الله لا يغير علينا» فقد هيمن الاقتصاد على مناقشات اليوم الثاني وسط حضور سؤال يقول: لماذا لا يكون الاقتصاد بديلاً للأمن أو متقدماً عليه أو متوازياً معه في تحول المجلس إلى اتحاد أو تعظيم مكانته وتعزيز دوره وحضوره الإقليمي والدولي بصيغته الحالية؟وجاءت الآراء المجيبة على هذا السؤال كثيرة منها أن الاقتصاد يمكن أن يسير بموازاة الأمن لو استطاع القائمون على مجلس التعاون تحقيق التكامل الاقتصادي بين دوله، لكن هذا التكامل يحتاج أولاً إلى وجود الاستعداد والقناعة لدى جميع الدول الست لبلوغ هذا التكامل، وثانياً لتوفير مجالات اقتصادية منوعة، أي نجاح دول المجلس في التنويع الاقتصادي ومن ثم بتولي كل دولة مسؤولية الإنتاج من القطاع أو القطاعات الموجودة والمتميزة لديها وغير المتوفرة لدى الدول الأخرى بالمجلس.أما الواقع الذي نعيشه فهو عبارة عن ست دول اقتصاداتها متماثلة تقريباً، والغالبية تعتمد في دخلها على مورد اقتصادي واحد مرتهنة بتقلبات إنتاجه وأسعاره ومستهلكيه، مما يعني أننا بحاجة إلى تنويع اقتصاداتنا بالتركيز على قطاعات اقتصادية غير موجودة في دول المجلس الأخرى، وبعد ذلك توظيف التنويع هذا في تحقيق التكامل الاقتصادي.رأي آخر يقول إن التكامل الاقتصادي لا يعتمد فقط على التنويع وإنما على وجود ميزانيات دول واضحة وشفافة، ميزانيات تشتمل على جميع إيرادات الدولة مفصلة، كما تضم كل مجالات وأوجه المصروفات دون غموض أو استثناء أو تغطية، وهذا غير متوفر في دول مجلس التعاون التي لا تمتلك ميزانيات شفافة تعطي صورة حقيقية عن إجمالي الإيرادات والمصروفات على عكس دول الاتحاد الأوروبي التي يقوم تكاملها الاقتصادي على شفافية ميزانيات دوله، وهو ما يوفر بدوره مبدأ التكامل والدعم المتبادل حيث تقدم الدول الأقوى الدعم المالي للدول الأضعف.السيد عبدالله بشارة ذكر في ورقته التي قدمها بعنوان (من التعاون إلى الاتحاد أحلام القادة وأوهام الواقع) «أن مشروع الاتحاد الذي قدمته السعودية متكامل فيه نظام المفوضين والمجلس الأعلى للاتحاد وتبديل كامل في البنية التعاونية الراهنة إلى نظام آخر يشبه الاتحاد الأوروبي» الذي يمتلك التكامل الاقتصادي والسوق الأوروبية المشتركة والعملة الواحدة وغيرها من المؤسسات التي نحلم بها في دول المجلس.