نهنئ بادئ ذي بدء شعب البحرين على ذكرى الإجماع الوطني 98.4% للميثاق ولا عزاء لمن قلب حاوية القمامة وجذوع النخل والقاذورات وعزل نفسه عن شعبه وجعل منطقة سكنه خاوية على عروشها مليئة بالقاذورات والأوساخ وسحب الدخان وأجبر قاطنيها على البقاء في منازلهم رغماً عن أنفهم، في حين خرج شعب البحرين محتفلاً مبتهجاً ملأ الأسواق والمنتزهات وتزينت البحرين كلها من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها وفرح شعبها وملأ شوارعه ومنازله وسياراته ومجمعاته التجارية بالحركة والزينة والأفراح ودمت يا وطني وطن الجمال والإجماع والمودة، وستبقى البحرين فاتحة ذراعها لمن يرغب في العودة لإجماعها. ونعود لما انتهينا إليه في المقال السابق وهو ما المانع أن ينتمي موظفو الأمانة العامة للمجالس النيابية للأحزاب السياسية؟ كسؤال نحتاج أن نستقر على إجابته من أجل أن نرقى بالتجربة الديمقراطية ونعزز دور المؤسسات الدستورية التي هي نتاج تصويتنا على ميثاقنا.ما الضرر أن يكون الأمين العام أو مساعدوه أو رؤساء الأقسام منتمين إلى جمعيات سياسية معينة؟ أليسوا مواطنين لهم حق تولي الوظائف العامة حالهم حل غيرهم؟في كل الأحوال وفي أي موقع وظيفي يشكل أثر وتبعات الانتماء الحزبي حالة جدلية بينه وبين الانتماء الوطني فتلك انتماءات تتقاطع في أحيان كثيرة وتستلزم الخيار بينها، مما استدعى أن يحسم هذا الجدل أحياناً دستورياً وأحياناً قانونياً باللوائح والضوابط التي تسن من أجل أن تحول بين تغلب الانتماء الحزبي أو القبلي أو الطائفي على الانتماء الوطني.وفي مواقع معينة يكون لأثر تغلب الانتماء الحزبي ضرر أكبر بل ويشكل خطورة على الأمن العام كالمواقع الأمنية والعسكريــة نص الدستور على ذلك، لذا يحظــر حظراً تاماً انتماء أي من رجال الأمن أو العسكريين إلى أي من الأحزاب السياسية، وفي موقع الأمانة العامة لمجلس الشعب كواحد من تلك المواقع الأخرى التي يكون فيها ضرر الانتماء الحزبي خطراً على أداء السلطة التشريعية وهي سلطة رقابية وتشريعية تعتمد كثيراً في أداء عملها على الخدمات التي تقدمها الأمانة العامة لها كان من المفروض أن تسن القوانين الواضحة والصريحة التي تحظر الانتماء الحزبي لموظفيها لا أن يترك الأمر لاجتهادات أو يترك لممارسات خاطئة أن تدس وتصبح عرفاً وحقاً مكتسباً!إذ تحرص المجالس النيابية في الدول الديمقراطية على ضمان حيادية الأمانة العامة من خلال اشتراطات التوظيف التي تطلب البيانات وتعقد المقابلات الخاصة بالموظف للتأكد من عدم انتمائه الحزبي. فكل المجالس النيابية تتشكل من قوى وتيارات وأحزاب سياسية متنافسة تحتاج أن تؤمن فيها هذه التيارات على سرية وثائقها ومستنداتها وأفكارها التي ستوظفها لأداء مهامها التشريعية والرقابية، والتي ستودعها لدى الأمانة العامة للمجالس، لتحضير محاور الاستجوابات على سبيل المثال ولتحضير لجان التحقيق ولتحضير المقترحات بقوانين، وكي تضمن السلطات النيابية في هذه الدول حيادية الجهة التي ستؤتمن على هذه الوثائق تشدد على مسألة حيادية الموظف السياسية منعاً لتضارب المصالح بين الأحزاب.هذه استحقاقات برلمانية وأعراف تم اعتمادها ومتعارف عليها دولياً لم تعن التجربة البحرينية بها أو بالالتزام بها في سنواتها الأولى، مما ترتب عليه تكدس مجموعات من الموظفين ممن ينتمون لبعض الجمعيات في الأمانة العامة مع وجود للممثلين لذات الجمعية كنواب في الفصول التشريعية الـ3 السابقة مما يشكل صورة فاقعة من صور تضارب المصالح الممنوعة والمرفوضة.وفي سبيل معالجة هذا الخلل علينا أولاً أن نفصل بين الموظفين وبين من وظفهم، فصاحب قرار التوظيف هو من يتحمل مسؤولية هذا الخلل دون مراعاة هذه الاستحقاقات ولا يتحمله الموظفون، لذا فإن المعالجة مطلوبة والتصحيح مطلوب إنما بطريقة تحفظ للموظفين حقوقهم وتساعدهم في البحث عن البدائل، لأننا لا نملك أن نحاسبهم على أخطاء غيرهم.أما عن تهم «الفساد المالي أو الفساد الإداري» فتلك قصة أخرى ومعالجتها لا تتم بالصراخ والعويل والانحساب، تلك تهم جنائية إن وجدت فلابد من تشكيل لجان تحقيق داخلية وفق اللوائح الداخلية تتوفر فيها شروط الشفافية والوضوح وضمانات المتهمين وحقهم في الدفاع عن أنفسهم وحقهم في رد الاعتبار إن لم تثبت التهم وحق الجميع للجوء للقضاء، وعلى السادة النواب أن يصروا على إجرائها لا أن يقفوا في وجهها معترضين.علينا منح الأمانة العامة الجديدة والرئاسة الجديدة فرصة معالجة هذا الخلل ومراقبة أدائهم ومساعدتهم في توفير بيئة سليمة ترقى بالعمل النيابي بدلاً من ردود الفعل المتشنجة التي لن تمنع أي أحد من القيام بواجبه لمجرد الصراخ في وجهه أو تحطيم الأجهزة أو الانسحاب من الجلسة، فكلها وسائل ثبت أنها تضر بأصحابها ومن المفترض أننا تعلمنا من أخطاء غيرنا سبق وأن استخدم هذه الأساليب وفشل!!ملاحظة: أود التنويه حول خطأ وقع فيه مقال الخميس باستناده على معلومات مغلوطة نشرتها أكثر من صحيفة تؤكد انسحاب ممثلي جمعية المنبر الإسلامي من جلسة مجلس النواب إلى جانب ممثلي جمعية الأصالة احتجاجاً على قرار رئاسة المجلس بخصوص موضوع الأمانة العامة، والصحيح أن ممثل المنبر كان غائباً قبل الجلسة لسفره خارج البحرين والعضو الآخر المحسوب على المنبر لم ينسحب من الجلسة، وقد لزم التنويه ولزم الاعتذار.
Opinion
حيادية الأمانة العامة
15 فبراير 2015