لن نتطرق في الأسطر القادمــة إلـــى المخالفات الصريحة التي وردت في تقرير ديوان الرقابة المالية حول تأخر وزارة الصحة في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتحصيل المبالغ المستحقة، والتي بلغت 10 ملايين دينار وذلك بالتنسيق مع هيئة التشريع والإفتاء القانوني، ولن نتطرق إلى غياب السند القانوني المنظم لبعض إيرادات الوزارة، وكذلك لن نكتب هنا عن عدم استغلال الميزانية المعتمدة للمشاريع للعام 2012، حيث بلغت المصروفات نسبة 7% فقط من الميزانية المرصودة، ولن تنتهي المخالفات عند سيارات الإسعاف التي لم تستخدم في شكلها الصحيح، ولن ولن ولن... باختصار؛ لن نخوض في تفاصيل مخالفات وزارة الصحة التي تعتبر من أكبر المخالفات بين كل الوزارات، حسب تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير، والتي تحتاج لعشرات المقالات لو أردنا الدخول في تفاصيلها المؤلمة، بل كل ما يمكن أن نتطرق له هنا هو أحقية توظيف الأطباء الجدد في مجمع السلمانية الطبي فقط لا غير.في حديث شيق وجاد جمعني بالإعلامي القدير المتقاعد من مهنة المتاعب، الزميل عصام الخياط، حول أزمة توظيف الأطباء الجدد في البحرين، وعن مدى تداعياتها على مستقبل البحرين، تأكد لنا أن هنالك جهتين مسؤولتان بصورة مباشرة عن عدم توظيف أبنائنا من الأطباء، ألا وهما وزارة الصحة وديوان الخدمة المدنية.وجهة نظر منطقية طرحها الخياط؛ إذ أكد على ضرورة أن نلقي نظرة على إنسانيتهم قبل كل شيء، فهم «الأطباء الجدد» الذين كانوا يحلمون في يوم من الأيام بأن تبدأ ممارستهم لمهنة تتصف بالإنسانية والرحمة والقدسية فور تخرجهم في الجامعة واجتيازهم الامتياز وامتحان مزاولة المهنة، ولكن مضى ما مضى من الأيام والأسابيع والأشهر، بل ومضى عام ونيف عام على بعضهم ومضى عام على بعضهم الآخر دون أن يتحقق الحلم!! فمن هو المسؤول؟ الوزارة كما فهمنا من بعضهم «أذن من طين وأذن من عجين»، ومن ثم نتساءل؛ أين دور جمعية الأطباء في رعاية زملاء المهنة من الأطباء الجدد، أما ديوان الخدمة المدنية فإنه لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم، وكذلك هيئة مزاولة المهن، لا ندري ما هو موقفها وموقعها من الإعراب من هذه الأزمة المهنية، ولكن يبدو أنها لا تختلف عن غيرها من الجهات الصامتة، ولكن الغريب في الأمر هو موقف الجامعات التي تخرج منها هؤلاء الأطباء، أليست هي من قام باحتضانهم وعلمتهم أصول المهنة فباتوا يحملون اسمها وسيظلون يحملون هذا الاسم، ولكن أين هي الأم من أبنائها وبناتها الخريجين؟ ولماذا تتنصل تلك الجامعات من أن تضغط في سبيل توظيف الأطباء بعد تحصيل ملايين الدنانير جراء رسوم دراستهم الباهظة؟تأكد لنا كإعلاميين، بأنه لا يعقل أن نقف مكتوفي الأيدي متفرجين على أوضاع أبنائنا وبناتنا «الأطباء الجدد» الذين يتساءلون هل سنكون على قائمة العاطلين المعطلين الذين أمضوا سبعة أعوام في الدراسة بجد واجتهاد من أجل الإنسانية والعمل في مجال يتسع لمن يتفانى في عطائه؟فمقارنة واحدة، كما أكد الزميل الخياط، بين «الأطباء الجدد» البحرينيين وزملائهم من أبناء دول مجلس التعاون الذين أمضوا جميعاً أعواماً عصيبة في التحصيل العلمي في فترة الدراسة الجامعية وذاقوا طعم الامتياز في المستشفيات معاً واجتازوا سوياً امتحانات مزاولة المهنة، نجدهم اليوم في دولهم يحملون لقب طبيب ممارس في أحد المواقع الطبية، وهم يتلذذون في بلدانهم بمزايا وظيفة الطبيب الحقيقي، بينما أبناؤنا وبناتنا مازالوا ينتظرون ويتجرعون مرارة الانتظار في طوابير العاطلين عن العمل، والسؤال الأهم؛ هل هذا تطفيش يهدف إلى تكبيل أيديهم لكي يتخلوا عن إنسانيتهم وحلمهم، أم ماذا؟ الأطباء الجدد ناشدوا ويناشدون ولم يفقدوا الأمل في هذا الوطن الكبير الذي يحتضن أبناءه ويتيح لهم الفرص تلو الفرص للجميع ولكنهم ينتظرون ويتطلعون في أن تحل معضلتهم في القريب العاجل، كما نعلم وتعلمون بأن الطب مهنة تتقدم يوماً بعد يوم، وإذا لم يحصلوا على فرصتهم في وطنهم فأين وكيف ومن أين سيبدؤون؟ وزير الصحة الموقر، هل لك أن تجيبنا؟