في لقاء جمعني مع عدة جمعيات لأولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة ودعم المرضى النفسيين، ناقشت معهم قضايا عديدة تتعلق بشؤونهم ومعاناتهم. ووجدت فيهم نموذجاً للدعم النفسي المتبادل والتضامن الاجتماعي. الجلوس مع هذه الفئة من الناس تمنحك شعوراً بالتطهير الإنساني. وتجعلك تتلمس الدهاليز الخفية لإنسانيتك الحقّة المتجردة عن أي مصالح أو منافع لأن تلك الفئات ليست ذات نفوذ ولا يجني أحد من وراء العمل معها ربحاً أو مكسباً اقتصادياً كان أو اجتماعياً؛ وهو السبب الذي يجعل الاهتمام بتلك الفئات ما يزال يتأرجح بين الظل وضوء النهار الخافت. ستجد فروقاً كثيرة بين أعضاء تلك الجمعيات لكنك لن تجد فوارق تصنفهم؛ فالهم الإنساني يوحدهم ويصبغهم بلون واحد وهو لون دعم ذوي الاحتياجات الخاصة ومساندة المرضى النفسيين وتحسين أحوالهم جميعها. ومشكلاتهم تتلخص في محدودية الإمكانات المرصودة لمساندة تلك الفئات. وعدم وجود رؤية موحدة ومتكاملة عند الجهات المعنية بهم. لذلك فأعضاء الجمعيات السابقة يرون أن الخدمات المقدمة لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى النفسيين غير مكتملة وقد يتلبسها التناقض فيما بينها.يطالب أعضاء الجمعيات الخاصة بشأن ذوي الاحتياجات الخاصة تفعيل الجانب التشريعي الخاص بشؤونهم وتطويره بما يتناسب مع خصوصية أوضاعهم. خصوصاً فيما يتعلق بتوفير فرص مناسبة لهم للدراسة والعمل والدمج بين فرص العمل محدودة الأجر واستمرار الحصول على راتب تقاعد الوالدين. يرى أعضاء الجمعيات السابقة أن الجانب التشريعي في البحرين في هذا الجانب يعتريه قصور يجعله أضعف من غيره في بعض دول الجوار العربي. وقد تكون الفرصة سانحة مع تشكيل مجلس النواب الجديد لدراسة طرح قوانين جديدة تعزز من وضع ذوي الاحتياجات الخاصة وتخلق حالة توائم بين القوانين العامة وتكييفها مع احتياجات الفئات التي يتعذر اشتمالها في التطبيق العام لمنظومة لبعض القوانين.يطالب أعضاء الجمعيات السابقة بتأسيس مراكز علاج متقدم لذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى النفسيين مماثلة للعديد من المراكز الصحية المتوفرة في بعض الدول العربية، التي يتطلب علاج أبنائهم أو ذويهم فيها السفر والمكوث في الخارج عدة أشهر وإنفاق عشرات الآلاف من الدنانير وهو ما تعجز الغالبية العظمى منهم عن الإيفاء به.لا يشعر أعضاء الجمعية ممن لديه ابن أو قريب من ذوي الاحتياجات الخاصة أو يعاني من مرض نفسي ما من الخجل من مواجهة المجتمع ومن اصطحابهم للأماكن العامة، لكن الآخرين لم يتأقلموا بعد على التعامل مع هذه الفئات. لذلك يعاني أولياء أمورهم من ردود أفعال قاسية من الباعة والزبائن ومرتادي الأماكن العامة تتمثل بالشعور بالخوف من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأحياناً منعهم من دخول المحلات التجارية والأماكن العامة. وسبب ذلك قلة حملات التوعية بكيفية التعامل مع تلك الفئات، وضعف الثقافة العامة في هذا المجال. وهي قضية تحتاج إلى دراسة وعمل من وجهة نظر أعضاء الجمعية. آخر ما أوصاني به أعضاء تلك الجمعيات أن أوصل عتبهم على بعض المسؤولين الذين يدعونهم للاجتماعات والمناقشة أو يقيمون فعاليات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن فاعلية الأمر، من وجهة نظرهم، لم تتعدَ التقاط الصور التذكارية ونشرها عبر وسائل الإعلام. يشعر أعضاء الجمعية بالأسى حين يتم التعامل مع ذويهم، في بعض الأحيان، باعتبارهم مادة دعائية يستثمرها البعض لتحقيق غايات شخصية.أعضاء الجمعيات المعنية بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى النفسيين والفئات المشابهة يستحقون كل الدعم من جهات الدولة ومن الجمعيات الأهلية والحقوقية وكل من هو معني بتلك القضايا. ووضع الفئات ذات الخصوصية في البلد يحتاج لرصد دقيق وتحديد نسبهم وتصنيفاتهم لرسم استراتيجية متكاملة تغطي كافة احتياجاتهم وتحفظ حقوقهم.