حين نتوجه بالعتب واللوم إلى أي وزارة من وزارات الدولة حول ما يتعلق بطبيعة توظيف العاطلين الجامعيين عن العمل دون طرح مبررات تعيق توظيفهم؛ فإن الوزارات ليست الجهة الوحيدة المسؤولة عن هذه العملية، بل هناك جهة رسمية تتحمل طبيعة ومسؤولية التوظيف يجب أن تدخل في هذه المساءلة حتى لا نلقي باللوم على جهة بعينها، بينما هنالك من الجهات من لها النصيب الأكبر في هذا اللغط.غالبية مؤسسات الدولة تطارد وتضغط على ديوان الخدمة المدنية -المسؤول الأول عن التوظيف الحكومي في البحرين- من أجل توفير بعض الشواغر المهمة التي لا يمكن الاستغناء عنها، وذلك من أجل تقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين والمستثمرين وغيرهم، لكن هناك الكثير من العقبات تحول دون استطاعة مؤسسات الدولة أن توفر الوظائف الكافية والمريحة لعمل تلك المؤسسات، والسبب هو «بخل» ديوان الخدمة في طرح المزيد من الوظائف التي تحتاجها البحرين، سواء كان البخل في زمن التقشف أو في زمن الرخاء.لا يمكن أن نتنكر للكثير من الخدمات التي يقدمها ديوان الخدمة المدنية لمؤسسات الدولة، ولا نتنكر كذلك لجهودهم الحثيثة في تطوير أداء تلك المؤسسات لتواكب العصر، فهذه من المسائل التي لا نختلف عليها كثيراً، بل كل اختلافنا يقع في القضايا التي تتعلق بمسائل التوظيف، وإبداء بعض المرونة «والكرم» فيما يخص أعداد الوظائف الشاغرة وما إلى ذلك.اليوم لا يمكن للمتقدمين على وظائف شاغرة عبر ديوان الخدمة المدنية أن يراجعوا أو يتابعوا ملف توظيفهم، كما لا يمكن لأي باحث عن عمل مهما ارتفع شأنه وجودة شهادته أن يلاقي أي مسؤول أو حتى موظف عادي داخل ديوان الخدمة المدنية، فالحصون والحواجز التي بناها ديوان الخدمة المدنية في وجوه المراجعين جعل مركز القرار المركزي في قضايا التوظيف محيراً وغامضاً ومشوشاً في أذهان الجمهور والمراجعين والباحثين عن العمل، وكأن ديوان الخدمة المدنية هو «الكل في الكل»، ولهذا فإنه يتصرف أحياناً بطريقة غير مفهومة، حتى مع مؤسسات الدولة، حسب رأي الكثير من المراقبين.حين طرحنا مسألة توظيف الأطباء تعللت الصحة أنها تريد بالفعل توظيف أكبر عدد منهم، لكن ما يعيق حركة توظيف هذا العدد من الأطباء هو رفض ديوان الخدمة المدنية بإعطاء وزارة الصحة الأعداد الكافية من الوظائف التي تتناسب وحجم المطلوب من طرف الوزارة، وهذا ما يشكل أزمة موسمية في تأخير وتوظيف الأطباء في كل عام، ولن تتحرر هذه المسألة من تلك القيود إلا بالتشاور والتعاون مع كافة مؤسسات الدولة، وكسر القرار المركزي للتوظيف وعدم احتكارها أو توظيفها في يد جهة واحدة لا غير، مما يخلق حالة من التسلط أو الدكتاتورية في قضايا التوظيف، سواء أرادوا ذلك أم لم يريدوا.ما هو مطلوب من ديوان الخدمة المدنية هو أن يكونوا أكثر مرونة في تعاملهم مع ملفات الباحثين عن العمل، وأن يكونوا أكثر مرونة بانفتاحهم على وسائل الإعلام، كما يجب أن يطرح الديوان مشاريعه وبرامجه واستراتيجياته بطريقة شفافة وواضحة أمام الجمهور، دون الدخول في التصاريح الفضفاضة التي تسبح في فضاء العموميات، خصوصاً أننا في زمن «المعلومة».إن هذا الفهم لا يبرر لمؤسسات الدولة أن تتنازل عن حقها في طلب التوظيف المناسب لبرامجها من ديوان الخدمة المدنية، فلها كامل الصلاحيات والحق في الحصول على وظائف تغطي نقصها في العمل الحكومي لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين وغيرهم في هذا الوطن.يحتاج مجمع السلمانية الطبي لعشرات الوظائف والتخصصات الطبية -حسب كل العاملين في القطاع- بينما اليوم تقدم وزارة الصحة وظائف لنحو 30 طبيباً فقط، بحجة عدم تلبية ديوان الخدمة المدنية للعدد المطلوب لحاجة الصحة، هذا كله يجعل ويبرر للأطباء الذين ينتظرون التوظيف منذ نحو عامين، أن يلقوا باللوم على الجهتين، ولهم العذر في ذلك... وربما للحديث بقية
Opinion
العاطلون بين كماشتي الوزارات وديوان الخدمة.. الأطباء نموذجاً
23 فبراير 2015