خطوة تركيب كاميرات مراقبة أمنية ومضاعفة عدد الحراس وتكثيف الدوريات على مدارس تشهد اعتداءات إرهابية بشكل مستمر خطوة جيدة ومهمة وإن جاءت متأخرة، لكنها بالتأكيد لا تكفي ولا تعفي المجتمع من القيام بمسؤولياته تجاه مناهل العلم. وحصول 420 اعتداء على المدارس حتى لو كانت أضرارها بسيطة مسألة ينبغي أن تدفع الجميع إلى التكاتف من أجل منع هذه الممارسات، فمن غير المعقول أن يتم الاعتداء على مدارس يستفيد منها الجميع ومعروف فضلها على المجتمع بكل أطيافه. الاعتداء على المدارس يشبه اعتداء الفرد على نفسه، وليس من عاقل في الدنيا «يطز عينه بإصبعه»، لكن هذا السلوك ليس بجديد، فقد سبق أن تعرضت بعض المدارس في سنوات سابقة لحرق بالكامل، ففي منتصف التسعينات على سبيل المثال تم حرق مبنى الإدارة المكون من مجموعة من الغرف بإحدى المدارس الابتدائية للبنين وإتلاف كل موجوداته، تماماً مثلماً استهوى البعض حرق مولدات الكهرباء والإشارات الضوئية وغير ذلك من ممتلكات ومرافق عامة وممتلكات خاصة.غريب أن يقوم من يدعي أنه خرج منادياً بالحريات وبالديمقراطية ورفع في خروجه هذا راية الوطن بمثل هذه الأفعال، ولهذا فإن «المعارضة» تردد باستمرار بأنها لا تمارس هذه السلوكيات وتحاول أن تنشر فكرة أن «مجهولين يقومون بتلك العمليات بغية إلصاق التهمة بها». ولكن هل من عاقل يصدق أن الحكومة يمكن أن تذهب في هذا الاتجاه فتفتح على نفسها أبواباً يصعب إغلاقها؟ في 14 فبراير الجاري وفي نفس اليوم من العام الماضي تفاخرت «المعارضة» بالصور التي نشرتها لملثمين تمكنوا في الصباح الباكر من الصعود إلى بعض المباني المدرسية ووضع الأقفال عليها كي يمنعوا الطلبة من الدخول ولتخويفهم وأولياء أمورهم كي تقول تلك «المعارضة» إن الإضراب الذي دعت إليه في ذلك اليوم قد نجح بدليل أن بعض المدارس خلت من الطلبة. هذا أيضاً يدخل ضمن الاعتداءات على المدارس، فهل يمكن لأحد أن يقول إن الحكومة هي التي دفعت بأولئك الملثمين الذين فاخرت «المعارضة» بنشر صورهم وهم يقومون بفعلهم القميء هذا لتنفيذه؟ لم يعد أحد يصدق روايات هذه المجموعات لأن الجميع تبين له أنها هي التي تقوم بتلك الأفعال الخارجة عن القانون وعن الذوق العام وعن كل القواعد المجتمعية والشرائع.لو كانت «المعارضة» متأكدة من أنها لا تقوم بعمليات الاعتداء على المدارس لما ترددت عن مطالبة وزارة التربية والتعليم والحكومة بالسماح لها لمراقبة المدارس وحمايتها، لكنها للأسف تعلم أن عناصر محسوبة عليها هي التي تقوم بتلك العمليات وتعتبرها انتصارات ينبغي للتاريخ أن يسجلها في سجل الثورات!هذا النوع من العمليات لا يمكن وصفها إلا بالتخلف ولا يمكن إلا إطلاق صفة المتخلفين على المخططين لها ومنفذيها والمصفقين لها وحتى الساكتين عنها، عدا أنها عمليات تســــيء إلــى «المعارضـــة» علـــى اختـــلاف تلاوينها وتؤثر سلباً على حراكها، ويفترض من المنظمات الحقوقية العالمية ومن كل الجهات الداعمة لهذه المجموعات أن تحقق في هذا الموضوع وتحاكم تلك المجموعات على تلك الممارسات البعيدة عن الإنسانية وعن الأخلاق، وكما إن لهؤلاء حقوق تدافع عنها فللمستفيدين من المدارس حقوق أيضاً عليها أن تدافع عنها، بل إن حقوق الطلبة أولى من حقوق تلك المجموعات التي أضاعت البوصلة فلم تفرق في عمليات التخريب التي تقوم بها بين شارع وميدان ودوار ومدرسة.بالتأكيد لا يكفي وضع كاميرات لمراقبة بعض المدارس فالكاميرات يجب أن توضع عند كل المدارس، ومضاعفة أعداد الحراس يجب أن تستفيد منه كل المدارس أيضاً، وكذلك تكثيف الدوريات، فمن المهم أن يتم قطع هذا الطريق على المخربين بشكل نهائي.
Opinion
المدارس في قبضة الكاميرات
24 فبراير 2015