من إحدى قصص الفقهاء التي يتندر بها، ما روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أن رجلاً سأله عن حكم المحرم الذي يقتل الذباب أو البعوض الذي يقف على جسمه فيصيب ثوبه شيئاً من دمها، فسأله ابن عمر؛ من أين أنت؟ فقال الرجل، من أهل العراق، فقال ابن عمر لمن حوله، انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوضة وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه القصة التي تندر بها المسلون زمناً طويلاً وتروى على سبيل الطرفة، جاءت إيران اليوم بفعل وسلوك متناقض ينسي الناس تلك القصة ويكون بديلاً عنها.فقد ذكرت مصادر إعلامية أن إيران ستلقح الكلاب الضالة في الجبال المحيطة بطهران وتركب عليها أطواقاً مجهزة بنظام «جي بي إس» لتتمكن من تحديد أماكن تواجدها للعناية بها في فترات منتظمة، كل ذلك لتتجنب القضاء على هذه الكلاب من قبل السكان أو أجهزة البلدية، وبالفعل بدأت الحملة بالتعاون مع منظمات الرفق بالحيوان وشملت 200 كلب.في الوقت نفسه الذي تحاول العناية بالكلاب الضالة تمنع الناس من اقتناء كلب مستورد من الغرب وتعده نجساً، كما إنها تمنع التنزه مع الكلب في مكان عام أو نقله في السيارة، وفي حالة المخالفة يصادر الكلب والسيارة! ليس مهماً اقتناء الكلب المستورد من عدمه، المهم أن إيران أعلنت أنها تريد من هذه العملية تحقيق التعايش بين الإنسان والكلب في هذه الجبال التي يقصدها كثير من الإيرانيين للتنزه وتجنب هجمات هذه الكلاب التي تنزل في مجموعات، وكذلك تريد من هذه الحملة إرساء ثقافة حماية الحيوانات في المجتمع الإيراني.في الوقت الذي تضع إيران «جي بي إس» على كلابها الضالة، تطلق آلاف من أفراد الميليشيات في العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان وتجهز آخرين في دول أخرى، فهل ستركب على هؤلاء «جي بي إس» أيضاً؟ أم ستتركهم يقومون بهجمات جماعية كما يفعلون يومياً، علماً أن هجمات هؤلاء أخطر على البشرية من الكلاب الضالة، إيران التي تحرص من خلال هذا العمل على تحقيق التعايش بين الكلب والإنسان في إيران، أفسدت التعايش بين البشر في الدول العربية التي حركت فيها ميليشياتها التي قتلت وسفكت الدماء وأججت الطائفية وجعلت من التعايش أمراً مستحيلاً، إيران التي تريد من هذا العمل إرساء ثقافة حماية الحيوانات في المجتمع الإيراني، ترسي ثقافة اضطهاد البشر وإذلالهم وإبدال أمنهم خوفاً في الدول التي مدت أذرعها فيها فتغير طائراتها وطائرات من يأتمرون بأمرها لتحدث مجازر بشرية، إيران التي تسعى لإبقاء الكلاب الضالة طليقة مازالت تحتجز أسرى حرب عراقيين يعود تاريخ أسر بعضهم لعام 1980 وكل فترة تطلق عدداً منهم، بعد كل ذلك ألا يعد فعل إيران هذا تناقضاً ساخراً مع حقيقة أفعالها؟