جميلة هي الشعارات حينما نسمعها أو نقرؤها، ورائعة هي المقولات التنويرية وجمل المثاليات، إذ يتأثر بها الإنسان التي يدقق فيها ويتمعن في مضامينها، وتصل أقصى درجات الاستفادة منها حينما يسعى الشخص لتطبيق بعضها في حياته. لكن المشكلة تكون حينما نطرب للشعارات ونستمتع بهذه المقولات، لكن يكون ذلك وفق تأثير وقتي لا ترجمة له على أرض الواقع، وفي هذا الخصوص ندخل في وضعية جدل بشأن الشعارات وجمل الفضائل، ولماذا تنشر، ولماذا تقرأ؟! بداية، كم منا يقرأ؟! وكم منا يتأثر بما يقرأ؟! ولماذا نقرأ أصلاً؟! هل نبحث عن هذه الفضائل والأدبيات والمثاليات، أم نريد الاستفادة منها في حياتنا؟! تصفّحوا مواقع التواصل الاجتماعي اليوم، ستجدون كماً كبيراً من نشر لهذه الجمل والمثاليات، ستجدون ترديداً لجمل هدفها تحسين تعاطي الفرد مع حياته، خطط لتطوير قدراته، وغيرها من مضامين، لكن يبقى السؤال عن الدافع، هل هو لنشر المعرفة أم لتصوير الذات بأنها ناشرة للمفيد من منطلق تطبيق وتجربة؟! الأفلاطونيات كثيرة، وفي مجتمعات كمجتمعاتنا تحولت إلى أكسسوارات ضرورية لدى بعض الأفراد، بات نشرها بهدف دعائي وترويجي للشخص نفسه باعتبار أنه ذو فكر تقدمي منفتح وأنه مؤثر في الآخرين، بينما التناقضات تكشف الواقع، وهنا لا نعمم، فهناك من يؤمن بالفائدة وضرورة تعميمها. القصد هنا مما نقول، أننا نتأثر بهذه المقولات وعصارة التجارب والخبرات، وهذا شيء جميل، بيد أن الأجمل استخلاص الأفضل والمناسب منها لاستخدامها والتكيف معها وتطويعها في حياتهم. هذا على صعيد أفراد، حول بعضهم الفضائل والأفلاطونيات إلى شيء يشبه مواد النشر الإعلامية كالأفلام والصور، فباتت قيمتها أقل من قيمتها الحقيقية، لأن تعاطي الناس معها أصبح تعاطياً اعتيادياً كما التعاطي مع أي سلعة تجارية، بالتالي الحل كما أسلفنا، الاستفادة الشخصية عن قناعة ثم محاولة نشر الخبرة بتدرج هادئ من البيت نفسه إلى مجتمع العائلة والأصدقاء بهدف التأثير الحقيقي لا الغرض الدعائي. أما على صعيد الدول، فإن المسألة تكون خطرة جداً حين تتحول الدول وكأنها قناة إعلامية تبث شعارات التطوير والفضائل والأفلاطونيات، بينما الواقع يثبت بأن ربع ما يطلق وينشر ويتغنى به لم يتحقق. مجتمع الأفلاطونيات جميل جداً، لكن حينما يكون مجتمع أفعال أكثر منها من الأقوال، فالمجتمع كثير الكلام أبداً لا إنجاز فيه ولا تطوير ولا حتى أقلها تطبيق للشعارات.
Opinion
مجتمع الأفلاطونيات!
01 مارس 2015