أكمل مقالي السابق عن الدولة الرعوية التي تهتم بتقديم كافة الخدمات للشعب بالمجان من تعليم وصحة وسكن وعمل إلى آخره من خدمات، هذه الخدمات التي أضحى يراها الشعب بأنها حق مكتسب لا يمكن للدولة التراجع عنه، حتى وإن كانت تعيش في حالة عجز.عندما طرحت عمودي السابق وردتني عدد من التعليقات مجملها كان أصحابها يرون أن الدولة مسؤولة مسؤولية تامة عن توفير السكن والعلاج والتعليم والعمل لهم لعدد من الأسباب أفرد لكم أبرزها وأكثرها عقلانية.ذكر أولهم أن المواطن البحريني أحق بالرعاية من «الأجانب»، حيث إن الدولة لا تفرق في تقديم خدماتها بين الأجنبي والمواطن، وفي البحرين يحصل الأجنبي على العلاج والتعليم والانتفاع من السلع المدعومة مثلما يحصل المواطن البحريني دونما أي تفرقة، فلماذا لا تعمد الدولة لفرض الضرائب على الأجانب الذين يبلغ عددهم نصف التعداد في مملكة البحرين وتواصل دعمها للمواطن البحريني ذي الدخل المحدود، وهو حل اقتصادي مشروع وسيصب في صالح زيادة الدخل القومي الذي سيؤثر بالإيجاب على زيادة دخل الفرد، مبالغ تتجاوز الملايين تنفقها الدولة على الوافدين الأجانب دون أي مردود من وراء هذا الإنفاق.وعلق قارئ آخر على أن من حق المواطن البحريني أن يحصل على سكن وتعليم وعلاج مجاني، معللاً قوله بأن البحرينيين الجدد، كما أطلق عليهم، يحصلون فور حصولهم على شرف الجنسية البحرينية على جميع هذه المكتسبات بدءاً من بيت الإسكان وصولاً إلى التعليم والعلاج والعمل، فلماذا لا ترعى الدولة مصلحة المواطن «الأصيل»؟!وقال قارئ آخر تعليقاً على المقال؛ بأنه يتفق معي جزئياً بوجوب اعتماد المواطنين على أنفسهم وعدم اتكالهم واعتمادهم المطلق على الدولة في تقديم جميع الخدمات له بالمجان ولكن؛ الدولة ومع الدعم اللامحدود الذي تقدمه لفئة من المواطنين تتجاهل باقي الفئات، حيث يقول لماذا لا يستطيع المواطن البحريني الذي يعمل في القطاع الحكومي الحصول على سجل تجاري يؤهله لفتح نشاطه التجاري وزيادة دخله أسوة بالموظف الذي يعمل في القطاع الخاص؟ أليس من المنطقي أن تمنح الدولة الفرصة للمواطن في المتاجرة والعمل الإضافي، حيث إنه إذا ارتفع دخل المواطن استغنى واكتفى عن دعم الحكومة.وعلق قارئ آخر على المقال أن الدولة ملزمة بتوفير كافة الدعم للمواطن من حيث الخدمات الإسكانية والتعليم والعلاج، فدولتنا بخير والحمد الله، وميزانية الدولة تصرف على سفرات وفعاليات «غير مهمة»، والمواطن البحريني أولى من هذه الفعاليات التي تصرف عليها ملايين الدنانير دون وجه حق، ويكمل؛ ملايين تضيع هباء وردت في تقرير ديوان الرقابة، وأوجه كثيرة للإنفاق دون رقابة أو دراسة، أوليس من الأولى أن تكون من نصيب المواطن؟!وعلى الرغم من الطرح المنطقي الذي ورد في تعليقات القراء فإنني مازلت متمسكة بضرورة الابتعاد عن مفهوم الدولة الرعوية التي تهتم بتوفير السكن والتعليم والعلاج والعمل وتتحمل مجمل أخطاء المواطن وتخلق منه مواطناً متراخياً لا يفكر إلا في أخذ المكتسبات؛ وأعتقد بأنه بات على الدولة دراسة الوضع الراهن ودراسة المكتسبات التي تقدمها الدولة بشكل يتوافق مع التغيرات الراهنة التي تعصف بالدولة من أجل بناء شكل مختلف للدولة التي لا تعطي شعبها السمك بل تعلمه كيف يصطاده.