على بعض السادة النواب اليوم ملاحظة مسألة في غاية الأهمية والخطورة، وهي بحد ذاتها تثبت ما إذا كان النائب قد اعتبر من دروس الماضي واستفاد منها أو لا، وهي تحدد كذلك ما إذا كان النائب ينطلق في حراكه من منطلقات الشعب بناء على همومه ومطالباته وطموحاته، أو أنه في عالم وحيد يغني.المسألة المقصودة هنا معنية بتحديد الأولويات التي يجب أن تطرح في المجلس على شكل مقترحات أو مشاريع قوانين.حتى أمس يحدثني أحد المواطنين عن نائب منطقته وهو مصدوم فيه، يورد لي مثالاً على مقترح تقدم به «وسأتحفظ عن ذكره لأنه كمثال يقع فيه كثير من النواب»، لكن المثال معني باقتراح لو جئنا لنسأل الناس عنه لوضعوه في أدنى مراتب الأهمية، ولربما لم يعتبروه أولوية على الإطلاق.كنا في السنوات الماضية نقسو على بعض النواب حينما ينحرف أداء عملهم عن التشريع، وعن اقتراح القوانين والمشاريع المفيدة للناس والتي تصب في صميم همهم اليومي. كنا نقسو على نواب الخدمات، الذين كان هم بعضهم إنشاء حدائق ومتنزهات، أو إقامة دورات رياضية، أو اقتراح مشاريع لا تدخل في إطار الملفات المهمة مثل تحسين المعيشة والإسكان والميزانية.لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بوجود نواب يغردون بعيداً عن سرب المواطنين، لا يمكن أن نستسيغ اقتراحاً من أي نائب يدخل في خانة «الترف» لا «الأولوية».مجلس النواب عليه مسؤولية أكبر من مشاريع ترفيهية وحدائق وغيرها، عليه مسؤولية جسيمة معنية بتحقيق آمال المواطنين في ملفاتهم المعيشية، في الرقابة على قطاعات الدولة، وفي محاسبة المخطئ وتصحيح المعوج.إن كنا نقول بأن هموم المواطن هي أحد أبرز منطلقات العمل سواء الحكومي أو النيابي، فعلينا أن نثبت مصداقية هذه المقولة، بحيث يكون كل مشروع وكل مقترح متمحور حول هذه الملفات، لا أن نشذ ونخترع اختراعات غريبة عجيبة، المواطن هو أول من ينتقدها والمواطن أول من يستاء منها.«يا أخي حس».. «يا أخي تألم»؛ جمل قصيرة اخترعها البحرينيون، ولاختراعها سبب واضح، وهو حينما تنحرف بوصلة العمل عن تحقيق الشعار الرئيس الذي ترفعه كافة الأجهزة والقطاعات وحتى السلطة التشريعية، ونعني به «المواطن هو الأولوية».لذلك فإن عملية تحديد الأولويات عند كل نائب هي أساس العمل الصحيح، إذ الرجوع للبرامج الانتخابية التي طرحت خلال عملية الدعاية الانتخابية نرى فيها حرصاً على طرح المواضيع المهمة والحساسة بالنسبة للمواطن، ونجدها خلت من أية مشاريع هامشية أو إكسسوارات لا لزمة لها، بالتالي الالتصاق أكثر بهذه الشعارات والوعود والالتزام بها هي ما تجعل النائب يعمل بشكل صحيح لأجل المواطن دونما انحراف عما يريد، وكذلك الحال بالنسبة لقطاعات الدولة المختلفة.نريد تحسين خدمات، نريد محاربة الغلاء، نريد حل مشكلة الإسكان، نريد زيادة دخل المواطن، نريد محاربة الفساد، وقبل أن يتحقق كل ذلك، رجاء وفروا مقترحات الترفيه من ملاعب وساحات ومتنزهات ونافورة هنا أو هناك.أبداً، العملية ليست صعبة وليست مستحيلة، فقط مسألة متعلقة بـ«الإحساس» وعدم نسيان الوعود في الشعارات الانتخابية.
Opinion
يا أخي «حس».. يا أخي «تألم»!
02 مارس 2015