هل نتحدث عن تسريب تسجيلات من داخل السجون؛ أم عن تسريب معلومات من البنوك؛ أو ربما عن تسريب أسماء وعناوين من مؤسسات الدولة؛ أم تسريب أرقام هواتف أصحاب السيارات ذات الأرقام المميزة لتجار الأرقام؟ فكل ذلك ما علم وغير ما لم يعلم، فهذه التسريبات خطيرة للغاية؛ والأخطر منها أن تسريب معلومات ورسومات تكشف تمديد الكيبلات الكهربائية من تحت الأرض لأي بيت أو فيلا، فالمعلومات متوفرة في أغلب المؤسسات الخدمية، وربما يكون بعضها تحت أيدٍ غير أمينة. أحدهم قال لي ذات مرة ومنذ سنوات إنه لا تخفى عليه معلومة سرية، لدرجة أنه يعلم موقع «الكيبل الكهربائي» لـ (...)، فما بالكم إذا كانت البحرين بكاملها مستهدفة من عدو يتربص بها وقد مد أذرعه في كل مؤسسات في الدولة، وها نحن نشاهد أتباع هذا العدو في البحرين الذي وصل حتى أطفال المدارس، فقد شهد الجميع حقيقة هذا الانتماء والولاء لإيران، حيث يرضعه الأطفال وهم في المهاد، كيف بالآباء والأمهات وباقي الإخوان والأعمام الذين يشغلون مناصب حساسة كمهندسي الكهرباء والكيمياء وأخصائيي الحاسب الآلي، وحتى الوظائف الدنيا التي لا يمكن أن تقل خطورة عنها.التسريبات لا تقف عند المؤسسات؛ بل هناك موانئ برية وبحرية وخاصة الجوية حيث يعلم الجميع هويتهم وانتماءهم، وقد ظهر هذا جلياً أثناء المؤامرة الانقلابية، لكن مع الأسف لم تؤخذ الحيطة ولا الحذر، بل تفرغت إحدى المؤسسات للتعليم والتدريب بكلفة باهظة، وأعدت من الكوادر أعداداً ليست بالقليلة وقد تكفي لعشرات السنوات للسيطرة، خاصة الجوية المدنية، فكل هذه ثغور تخرج منها وتدخل أشياء كثيرة ومتعددة ومختلفة، وكلها جميعها تدخل تحت جريمة «التسريبات والتهريبات».القضية اليوم ليست فقط فيديو يتم تسريبه أو المادة التي يحتويها الفيديو؛ بل القضية أمن قومي مستهدف من الخارج والداخل، ومازلنا حتى اليوم لم نأخذ الحيطة اللازمة والكاملة كما تفعل الدول التي لا تعترف بحقوق إنسان عندما يكون أمنها القومي في خطر، ومنهم أمريكا التي تعري الأفراد من ملابسهم وتحلل حتى ما بداخل أمعائهم، كما تبني أسواراً من الأسلاك المكهربة، وتضع حراساً شداداً عند كل بوابة ونافذة، كما هي الحيطة والحذر بالنسبة للمعلومات السرية عن المواطنين ومؤسسات الدولة والبنية التحتية، حتى وصل بها الأمر إلى التنصت على كل هاتف منزلي ونقال فلعلها تسمع حرفاً أو شفرة مسربة فيها معلومة حتى لو كانت عن عدد القطط والكلاب في شارع أو حي، وذلك حين وضعت أمنها القومي على رأس استراتيجيتها، فلا تبالي باتفاقات ولا تحالفات ولا صداقات، وليس لديها مجال للمجاملات أو للظهور بمظهر الطيب والأليف كي تحافظ على مصلحة اقتصادية أو علاقة سياسية، أو تظهر أنها غير طائفية أو عدوانية، بل تزأر بمدافعها وتحلق بطائرات عابرة للمحيطات وقمم الجبال دفاعاً عن أمنها وكرامتها.فاختراق أجهزة الدولة هو أهم سلاح للعدو الذي قد يكفيه من العناء الكثير، وقد لا يحتاج بعده أن يرسل جندياً ولا حتى ناطوراً أو يحرك طائرة أو يبحر بباخرة، وذلك حين يكون أذنابه متحكمين في مفاتيح الكهرباء والماء والإشارات الضوئية والاتصالات والطائرات والمطارات، وها نحن نرى الحوثيين كيف استطاعوا أن يسيطروا على العاصمة صنعاء، عندما تمكن أتباعهم وعملاؤهم من السيطرة على مؤسسات الدولة، وها هو مطار صنعاء شاهد على التغلغل الحوثي، بعد أن أعلنت إيران عن تسيير 28 رحلة أسبوعياً بين طهران وصنعاء، هذه الرحلات لم تسير إلا برضا وموافقة أجهزة المطار الموالية وكذلك بالنسبة للطيارين، حيث تم توقيع اتفاقية بين طهران ومسؤولين في الطيران اليمني المدني لتسيير رحلات مكثفة بين العاصمتين، أي أن العدة كانت جاهزة وكاملة، ولا نظن أن الأمر قد يختلف كثيراً في البحرين إذا ما تمت مراجعة السجلات من أسماء قديمة أضيفت إليها أسماء جديدة بفضل المؤسسة التي مولت مشروع التغلغل للوظائف التخصصية والحيوية تحت اسم مشاريع وطنية.ونعود إلى قضية تسريب الفيديو من سجون وزارة الداخلية، ونقول إنها إشارة إنذار وخطر، وعلى الدولة أن تراجع سياستها في جميع المؤسسات الحكومية والشركات الحيوية، وذلك بعدما تكررت نفس الجرائم في عدد من المؤسسات والشركات والبنوك، وذلك حين تم تقديم حسن الظن -الذي أثبت أنه ليس في مكانه- على الأخذ بالحيطة والحذر الذي أوصى به نبينا محمد صلى الله عليهم وسلم في حديثه الشريف «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين».وندعو الله أن يحفظ البحرين حاكماً وحكومة وشعباً من كل شر ومكروه، كما نتمنى أن تسد وتردم جميع الجحور التي حفرت وتمددت في أغلب مؤسسات الدولة وشركاتها كردم جأجوج ويأجوج.