تلوح في الأفق بوادر اتفاق أمريكي إيراني على المفاعل النووي الإيراني، وهو ما يشكل تهديداً متصاعداً على المستويين الأمني والاستراتيجي للخليج العربي، ويثير كثيراً من الشكوك حول المناوشات والمناوآت الدولية السابقة حول المشروع النووي، خصوصاً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والتي استغفلت العالم أجمع بسياسة إغماض العين السليمة والنظر لإيران بعين مغلفة بغشاوة المؤامرة. إن معطيات المشهد السياسي اليوم تدفع العالم العربي والخليجي، على وجه الخصوص، لطرح سيل من التساؤلات لا ينتهي، أوكان المشروع النووي جنين إيران المرتقب من رحم التغاضي والتعامي الأمريكي؟! أوتغيرت معطيات الموقف الأمريكي بعد استفحال الخطر الإيراني الجديد على المستويين الإقليمي والدولي واشتداد عوده، ما منح إيران ثقلاً في الحسابات الأمريكية؟ترى.. ماذا لو استدارت واشنطن لطهران؟ أسيكون الخليج العربي في موضع حرج إذا ما رفعت عنه أكف الحماية والوصاية الأمريكية؟! هل سترجح واشنطن المصالح مع طهران على حساب الخليج؟! عندما نعود بالزمن لستة أعوام مضت، نقف على موقف أمريكي مغاير تماماً إزاء المفاعل النووي الإيراني وأمن الخليج العربي، بل نشهد وبشكل لافت ظهور الأنياب الأمريكية بصفة احترازية لكي لا تتهدد مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وكانت الأمور وقتذاك آخذة في توسيع «المظلة الدفاعية» الأمريكية لحماية الخليج العربي، ولكنها من جهة أخرى، وقفت بوجه التهديدات الإسرائيلية بضرب المفاعل النووي الإيراني، وطالبت بمزيد من الوقت لممارسة الدبلوماسية الأمريكية، فهل كان الغرض من تلك المطالبة حماية الخليج العربي؟! أو التلاعب على العواطف الخليجية بوهم الدعم الأمريكي في حين تحاك خيوط المؤامرة في الظلام بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران؟!ومجدداً.. ماذا لو وقع الخليج في مأزق الاتفاق الأمريكي الإيراني؟ أهناك ثمة مجال للتطلع مجدداً لمظلة دفاعية غربية أمريكية أو بقيادة أمريكية لدول الخليج العربية؟ ماذا لو كان ذلك الاتفاق فصلاً أمريكياً جديداً من سياسة تقليم الأظافر الخليجية؟! أيوجد للخليج العربي ثمة فرص قادمة للمطالبة بضمانات حماية المنطقة للحفاظ على أمنها واستقرارها في ظل ذلك الخطر النووي المتنامي في أيدي عدو تجمعنا وإياه رقعة جغرافية واحدة؟! أهناك ما يمكن أن يؤكد أن أمريكا لن تبيع الخليج العربي، لكي لا يكون الأخير خاسراً أكبر في لعبة الاتفاق النووي؟! ماذا لو واجه الخليج العربي واقعاً مراً يفضي بالتخلي الأمريكي وبروز الناب الإيراني؟ ما هي الخيارات الخليجية الاستراتيجية والعسكرية المتاحة؟إن جميع ما سبق من مخاوف يفرض العمل على قدم وساق لتدشين سياسة خليجية جديدة لمواجهة الأخطار المحدقة بالمنطقة، يأتي في مقدمها إرساء دعائم متينة للتعاون النووي مع روسيا وباكستان وكوريا الجنوبية من جهة، والعمل على تحقيق المصالح الخليجية الاستراتيجية مع تركيا من جهة أخرى، وضرورة استثمار العلاقات مع مصر في تشكيل تحالفات قوية مضمونة والتأسيس لقوة شرق أوسطية جديدة. - اختلاج النبض..لم يعد يملك الخليج العربي كثيراً من الوقت للتردد ولمزيد من التباحث المطول، إننا بمواجهة خطر سياسي وأمني واستراتيجي يحتم علينا السعي بكل ما أوتينا من قوة لتشكيل ما يمكن تسميته «التحالف الخلاق» في مواجهة «الفوضى الخلاقة».
Opinion
«التحالف النووي الخلاق» في مواجهة «الفوضى الخلاقة»
06 مارس 2015