بعيداً عن العنوان الغريب نوعاً ما، نقول بأن ما يجعل البوصلة تنحرف في أي عمل يرتبط بنوعية الفريق المكلف بأداء هذا العمل.المشكلة حينما نبدأ أي مشروع، أي حكومة، أي فريق في لعبة حتى، وننشد من ورائهم تحقيق نتائج مبهرة فيها نوع من التفوق والتميز، فإننا نغفل أهم جانب في هذا التشكيل، وهم أعضاء الفريق.الكثير يعتقد بأن الإمكانيات المادية، أو بالأصح الفلوس (الموازنات) هي أساس كل شيء، هؤلاء لديهم ظن مطلق في القاعدة التي تقول «بالمال نحقق كل شيء».بيد أن هذه المقولة يمكن مقارعتها بسهولة، إذ المال بدون عقول لا فائدة منه سوى الصرف بلا تفكير، وقد يقود إلى نوع من البذخ والإسراف على شكليات لا يمكن لها أن تدوم لمدة طويلة، فإما تكون ظواهر وقتية، أو طفرات لا تؤسس أعراف يمكن البناء عليها.لذلك القول بأن تشكيل الفريق واختيار أفراده هو أول خطوة مهمة ومؤثرة في نجاح أي مشروع، وفي ديمومة أي عمل بشكل صحيح ومتقن.وهنا مهمة جداً عملية «بناء الفرق»، والوضع الأمثل يكون عبر وجود الحرية في الاختيار الفريق وتشكيله بناء على طاقات وقدرات ومؤهلات تكمل بعضها البعض، إذ الفريق لا يشترط فيه حتى يكون ناجحاً أن يكون أفراده متشابهين لدرجة الاستنساخ، بل التنويع المتقن هو الأفضل بحيث توجد مكامن قوة وضعف لدى كل فرد، والضعف تسده نقطة قوة عند الفرد الآخر، وهكذا بنفس المنوال تتحقق التكاملية.لكن إن كان الوضع قائماً أصلاً، بحيث يكون الفريق مشكلاً سلفاً، فإن الحاجة هنا تكون لمعرفة أعضاء الفريق وخصائص كل فرد وقدراته ومؤهلاته ونقاط قوته وضعفه، لذلك في كثير من الدول المتقدمة يحرص المسؤولون على إجراء اختبارات «سيكومترية» لتحديد أنماط الشخصية لدى موظفيهم وبناء عليها يتم الاستفادة منهم في المجالات التي يبرعون فيها.ولأجل نجاح أي فريق يجب «توحيد الهدف»، بحيث يؤمن به كل الأفراد، وهنا يتضح الفرق بين توصيف «الفريق» عنه عن «الجماعة»، إذ الأخير تعتنق معتقداً واحداً من يخرج عنه يخرج من ملة الجماعة. لكن في فرق العمل هناك أهداف موحدة لا تتأثر باختلاف المعتقدات ولا بتنوع الأشكال، ولذلك كثير من الدول المتقدمة تنجح في أعمالها ومشاريعها بل تحقق كثيراً من الإنجازات المبهرة رغم وجود التنوع العرقي والثقافي والأيدلوجي لدى أفرادها.حينما نتوحد كفريق أو حكومة أو أي تنظيم على «هدف»، علينا أن نتقدم معاً لتحقيقه، سواء أكنا أفراداً قليلي العدد، أم كثيرين عبر منظومات عديدة متفرعة عن التنظيم الأساسي أو الفريق الرئيس، وتكمن المهمة الأكثر حساسية في متابعة أداء كل فرد وإنجازه ومدى تقدمه باتجاه تحقيق الهدف، وعليه فإن التكاملية في النهاية تكون بتلاقي كافة القطع وتركيبها مع بعض لنحصل على هدف عمل الجميع على تحقيقه بكفاءة، كل في نطاق مسؤوليته.الآن نأتي لتطبيق هذه النظرية الإدارية على الواقع، لنجد أننا بعيدون جداً، سواء أكنا نتحدث عن تشكيل الفرق أو بناءها أو عملية المتابعة أو «الأخطر» توحيد الأهداف.ما يحصل لدينا يشابه المثل أو الحالة التي وضعناها كعنوان لهذا المقال، إذ يكون الاتفاق لدينا على صناعة طبخة مثل «المجبوس»، لكن لأنه لا يوجد توحيد للهدف، ولا تناغم وتكاملية بين أفراد الفريق، فإن المحصلة تكون بمثابة طبق معوق أو مختلف تماماً، إذ في الوقت الذي سنكون فيه ننتظر صحن «المجبوس» نفاجأ بأن الطبق الذي نحصل عليه في النهاية صحن «شكشوكة»!