في الوقت الذي تجثو ملفات تقارير الرقابة المالية في أدراج النواب، وفي الوقت الذي يتطلع الشعب لإجماع نيابي لحلحلة الملفات المعيشية التي تهم المواطن، نفاجأ بأن يخرج علينا بعض النواب باقتراح ليس له معنى، مثل اقتراح وقف الاستثمار في مركز شباب القادسية، وهو اقتراح ليس في وقته أولاً، ثم ما ضرر الاستثمار إذا كان موقع المركز تجارياً، مثل باقي النوادي الرياضية في البحرين التي استثمرت أجزاء كبيرة من مساحتها.إذاً الاستثمار في مركز شباب القادسية ليس منكراً أو فساداً كي يحارب، إنما المنكر والفساد ما تمارسه النوادي الأخرى من أنشطة ليس لها علاقة برياضة ولا ثقافة، مثل نادي العروبة الذي لم يعلق أي من النواب أو أعضاء الشورى على ما يقوم به من ممارسة أنشطة سياسية مناهضة للدولة تهدد الأمن والاستقرار، فأيهما أولى بالتصدي له المراكز والنوادي التي تستخدم مبانيها للتآمر والانقلابات أم المراكز التي تحاول أن تنمي مواردها المالية لدعم أنشطة الشباب؟ وإذا كان بعض النواب يضعون اهتمامهم في مركز شباب القادسية وهم ليسوا ممثلين لهذه المنطقة، فلماذا لا يضعون جهدهم لإيجاد مثل هذه المراكز في دوائرهم، فأين الوعود في تلك الليالي الجميلة، أم أنها تحللت وانتهت مع نسيم الأسياف؟إن الصحافة والمواطنين يتابعون اقتراحات النواب وتحركاتهم على الملفات الأمنية والمعيشية والاقتصادية المرتبطة بحياة المواطن مباشرة، لكن يبدو أن بعض النواب في خبر كان، أو لم يستوعب حتى الآن بأنه نائب، أو ليس له مهارات شخصية ولا إبداعية وليس له نظرة سياسية ولا اجتماعية، فيصب اهتمامه على قضايا ليس لها علاقة بأمن واقتصاد وخدمات حيوية للمواطنين، وإذ فجأة تحركوا طرحوا مواضيع دون دراسة ولا بعد نظر، وذلك كما طرحوا بالأمس فرض العامل البحريني على أصحاب الأعمال دون دراسة مستفيضة ولا اقتراحات بديلة، وكلها تدل على أنهم لا يبذلون جهداً، فبعضهم أخذ الكرسي وجاهة ومكسباً مادياً وضماناً للمعاش التقاعدي المجزي، ونسوا الأمانة التي حملوها حين أقسموا اليمين، وقسم اليمين يعني أن يكرس النائب نفسه لخدمة مجتمعه بكل وسيلة وطريقة، وأن يقوم بدراسات وبحوث والاطلاع على تجارب الدول ويأخذ منها الطيب ويتجنب السيئ، وعليهم أن يراقبوا الصحافة المحلية وما ينشر فيها من شكاوى ومشاكل، وأن يتلمسوا حاجة مناطقهم، وأن يأتوا باقتراحات ذات فائدة وجدوى، لا أن يناموا الليل ويكون استيقاظهم على فكرة جاءت لمحة خيال.فيا أيها النواب اتركوا النوادي الرياضية والثقافية والمراكز الشبابية، فما أكثرها في البحرين من صالات رياضية لكافة الأنشطة ونواد في كل منطقة ومدينة بها الساحات والمساحات من ملاعب، لكن مع الأسف الشديد أن بعضها صار فيها تسييس لرؤسائها ولاعبيها، وها نحن رأينا كم من النوادي شارك لاعبوها في المؤامرة الانقلابية، إذاً اليوم النوادي بحاجة بالفعل لإعادة نظر من مراقبة ومحاسبة، وأن تضع القوانين والشروط لاستخدامها، وهذا ما كان على النواب طرحه ومداولته، لا أن يتجاهلوا أخباراً ومعلومات خطيرة نشرت في الصحافة دون أن يكلفوا أنفسهم حتى بتلميح أو إشارة، وإذا بهم يتقدمون باقتراحات وقرقعات لا تغني دولة ولا تثري مدينة ولا تروي شعباً.فالرجاء من النواب الكرام أن يتركوا سفاسف الأمور ويمسكوا زمامها، ويجب عليهم كممثلي الشعب أن يتقدموا باقتراحات تساهم في رفع درجة الاحتياطات والحذر واقتلاع الإرهاب، وعليهم أن يتقدموا بأفكار تشد ساعد الاقتصاد لا أن يتصدوا له بطلب وقف الاستثمار، وكل هذا لن يكون إلا عندما يأخذ النواب الأمن والاقتصاد وتسهيل معيشة المواطنين همهم وهدفهم، وهذا الهم يتطلب انكباباً على التقارير الدولية التي تتصدى للبحرين وتفصيلها والرد عليها وإيجاد طرق وسبل بسد الأبواب في وجوهها، وذلك عندما يتحدث نواب الشعب بغضب وبصوت مسموع، وعليهم الانكباب على تقرير ديوان الرقابة المالية ومحاسبة كل مؤسسة وشركة وطنية أهدرت المال العام، ثم عليهم إعادة النظر في قوانين هيئة سوق العمل ودراسة آثارها على الاقتصاد، وعليهم إيجاد وسيلة وطريقة للحد من ارتفاع عدد المركبات التي أصبحت تهدد البيئة وحياة الناس وتؤثر على الحركة الاقتصادية، كلها مواضيع ذات أهمية قصوى يجب النظر والبت فيها، ولن يكون ذلك إلا بعد ترك سفاسف الأمور وأن يمسكوا بزمامها.