دلت مناقشات مجلس الوزراء لمشروع الميزانية العامة للدولة المرتقبة على أن الحكومة تريد تقليص الفجوة بين الإيرادات والمصروفات بزيادة الرسوم وتخفيض المصروفات بشكل عام ومصروفات المشاريع بشكل خاص وهو ما يعيدنا إلى فترة الثمانينات من القرن الماضي عندما انهارت أسعار النفط ولجأت الحكومة إلى ذات الدواء الذي أدى بدوره إلى تخفيض كبير وكذلك تجميد في مشروعات حيوية تتعلق بالبنية التحتية مثل الإسكان والمجاري والشوارع وهو ما أدى إلى تراكم هذه المشاكل حتى يومنا هذا.لجوء الحكومة إلى هذا الحل أو هذا الأسلوب لمعالجة العجز في الميزانية لا يمكن تفسيره إلا كونه هروباً من الأخذ بنظام الضرائب، وهو النظام الذي تعتمد عليه كل الدول المتقدمة والنامية والنفطية وغير النفطية، هو النظام الذي تمول به الولايات المتحدة أكبر ميزانية في العالم، وهو النظام الذي شفيت به هولندا من مرضها النفطي المزمن، وهو النظام الذي تحررت به النرويج من سيطرة النفط على اقتصادها، والأمثلة على ذلك كثيرة، تنطبق على الدول التي لديها موارد طبيعية والدول التي ليس لديها إلا الموارد والطاقات البشرية فقط.فإذا كان هذا الهروب يرتبط بحساسية نوع أو نوعين من الضرائب مثل ضريبة الدخل على الأفراد التي تفرض على الدول التزامات سياسية وتمثيلاً نيابياً حقيقياً وشفافية ومساءلة في صرف إيرادات الميزانية وفقاً لمقولة (لا ضرائب بدون تمثيل)، فالبحرين الدولة المسلمة تستطيع أن تأخذ بنظام ضريبة الزكاة، وهي ضريبة مطبقة في بلدان خليجية مثل السعودية والكويت وحققت إيرادات مجزية لهذه الدول، قدرها أحد الاقتصاديين البحرينيين في حالة أخذت بها البحرين أن إيراداتها السنوية لن تقل عن ملياري دينار بحريني.وهناك ضريبة الأرباح على البنوك والشركات المساهمة العامة منها والمقفلة، وخلال الشهرين الأخيرين قرأنا الكثير من إعلانات البنوك والشركات المساهمة التي حققت كلها تقريباً أرباحاً في عام 2014 تتراوح بين 10 ملايين دينار و100 مليون دينار، ولو فرضت الحكومة ضريبة أرباح على هذه الشركات والبنوك بنسبة 10% من صافي الأرباح فإن دخلها من هذه الضريبة لن يقل عن مليار دينار.وضريبة الزكاة والأرباح تزيد عن إجمالي الإيرادات في عام 2014 وتحقق فائضاً في الميزانية القادمة رغم انخفاض أسعار النفط، والكرة الآن في ملعب النواب لكي يطالبوا بفرض هاتين الضريبتين ومعرفة سبب هروب الحكومة منهما.