هناك مقولة سائدة في عدد من الدول العربية ومنها دول الخليج تقول: (إن تحقيق الأمن يؤدي إلى الاستقرار وتحقيق الاستقرار يؤدي إلى التنمية)، وهناك مقولة مناقضة لها يؤخذ بها في بعض الدول العربية ودول أجنبية كثيرة تقول: (إن تحقيق التنمية يؤدي إلى الاستقرار، وتحقيق الاستقرار يؤدي إلى تحقيق الأمن).في المقولة الأولى يحظى الأمن بالأولوية، تسخر له موارد الدولة، وتعطل التنمية بمتطلباتها المختلفة حتى تحقيق الأمن والذي يأتي بدوره بالاستقرار، الأرضية اللازمة لتحقيق التنمية، وفي المقولة الثانية تحظى التنمية بالأولوية باعتبار تحققها ونشر أجنحتها وتلمس المواطنين لمنافعها يؤدي ذلك إلى شيوع الاستقرار وتحقق الأمن...مصر أثبتت على مدى العامين الماضيين على الأقل صحة المقولة الثانية، فالدولة تعرضت إلى هجمات إرهابية عنيفة متواصلة منذ اليوم الأول الذي تم فيه إزاحة الإخوان المسلمين عن السلطة، شملت هذه الهجمات بشكل يومي تقريباً تفجيرات وعمليات اغتيال من سيناء إلى القاهرة.الدولة المصرية تصدت إلى هذه الهجمات بوسائل أمنية مختلفة لكنها لم تسخر كل جهودها وإيراداتها من أجل تحقيق الأمن وصولاً إلى الاستقرار، ومن ثم بدء مشروعات التنمية، وإنما رفضت أن يعيق الاهتمام بالأمن ومكافحة الإرهاب الشروع بتحقيق الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية، وبالتالي عملت على استكمال خارطة الطريق السياسية بوضع الدستور واستفتاء الشعب عليه، وإنجاز انتخابات الرئاسة وصولاً إلى الانتخابات النيابية القريبة.وفي المجال الاقتصادي تمت معالجة دعم الدولة للطاقة والمواد الغذائية بتوجيهه لمستحقيه، وحل مشكلات كثيرة أخرى مثل العشوائيات والتركيز على مشكلات مزمنة مثل الإسكان والبطالة، وذلك بتوجيه إقامة المشروعات الكبيرة والصغيرة من أجل حل هاتين المشكلتين.وبجانب مشروع قناة السويس الجديدة، والذي ينقل القناة من مجرد مجرى مائي إلى واحة صناعية وسياحية داعمة للاقتصاد، يأتي مؤتمر شرم الشيخ الذي يعقد غداً بمشاركة عربية ودولية ليغذي مصر بالعديد من المشروعات الاقتصادية والاستثمارية العملاقة، وهي المشروعات التي أعدها المصريون في وزارة الاستثمار وغيرها من الجهات لعرضها على المستثمرين في المؤتمر، بالإضافة إلى المشروعات الأخرى التي سيتقدم بها المشاركون من الخارج.فالتنمية السياسية والاقتصادية يمكن أن تتحقق دون تعطيل ولا إعاقة من الظروف الأمنية، هذا هو مغزى انعقاد مؤتمر شرم الشيخ.